جميلة» ويعدّ يوم العاشر من محرّم يوماً خاصّاً في نفوسنا ، فأجواء الحزن كانت تخيّم على كلّ شيء ، وشعورنا بالوحشة لا يوصف ، حتى كنّا نرى السماء كأ نّها قد تغيّرت وأحمرّت وشاطرت أهل البيت عليهم السلام الألم والمواساة باستشهاد أبي الأحرار الحسين عليه السلام ..
أمّا «الهودج» فلازال عالقاً في ذهني ويشكّل مؤشّراً رائعاً في أعماقي ، وكان يحمله «مجيد طخماخ» من أهل السنّة ، المحبّ لأهل البيت عليهم السلام ، وكان «السنّة» متعايشين معنا في مجتمعنا ويشاركوننا مناسباتنا المحزنة والمفرحة ، ولم أشعر يوماً وأنا هناك بوجود مائز وحاجز طائفي بيننا وبينهم ، والغريب أنّي وبعد إبعادي بسنوات كثيرة علمت أن بعض أصدقائي المقرّبين لي هو من أهل السنّة وكذا كان لي أصدقاء مسيحيّون وصائبة طيّبون تعايشوا معنا بأمن وسلام واُلفة ..
ولشهر رمضان المبارك طعمه الخاصّ ، والعجيب أنّنا بطفولتنا كنّا نميّز الأشياء بأحاسيسنا وجوارحنا ، فللأشهر المعروفة كمحرّم ورمضان وأيّام الفرح والحزن طعم ومذاق استثنائي ، وكانت عيوننا ترى الأشهر والأيّام ، بل تلمس تجانس الطقس والهواء معها ، فمن خلال عاشوراء كنّا نشهد السماء وقد تغيّرت وأضفت على نفسها هالةً من الحزن واصطبغت باللون الأحمر ، لون الشهادة ، لون دم المعصوم (عليه السلام) الذي سال على ثرى الطفّ والثلّة الشريفة من أهل بيته وأصحابه الكرام .... كما كنّا نرى السماء بلون الصيام حين يحلّ شهر رمضان ولاسيّما في الساعات الأخيرة المداهمة للغروب لمّا تبدأ الأواني و «الصواني» بالتنقّل من بيت إلى آخر