كانت جذورهما تافهة سخيفة ، بل حتى مع شدّتهما وعمقهما فإنّ الحوار الإنساني الجادّ يفتح فضاءات من التلاقي يذوب معها جليد الجفاء وصخور القطيعة وتجفّ دماء الحروب وتنقشع رواسب الحقد والكراهيّة ، فلابدّ لنا من التخلّي عن قواعد الثقافة المرفوضة ، ثقافة القطع والعنف والحذف والتشويه ، والسعي إلى إياب علمي لاُصولنا وثوابتنا ومعارفنا التي تدعو وتروّج للحبّ والسلم والأمن والصلح ; إذ مهما بلغت بنا ذروة الخلاف فلابدّ من الإبقاء على رابط وخيط يعيد الاُمور إلى مجاريها في الظروف المناسبة ، وليس من الحكمة والمنطق بناء المعادلة على طرفين لا ثالث لهما : «إمّا معي وإمّا ضدّي» ، فالطرف الثالث لابدّ منه في المعادلة كي يعيد التوازن ويصلح الاُمور ويشكّل نقطة الارتكاز في العودة إلى طاولة الحوار لطرح ومناقشة ومعالجة الإشكالات الحاصلة ، وبدونه فإنّ ثغرة الخلاف تتّسع لتصبح خندقاً ثم وادياً سحيقاً يصعب معه مدّ جسور التلاقي من جديد ..
* * *
لستُ مهتمّاً كثيراً بكتابة شيء عن سيرتي الشخصيّة ، فاُترجم كما يترجم البعض لذواتهم ، لكنّي مؤمنٌ بالمراجعة والمقارنة والبحث والاستقراء والتحليل كمحاور مفصليّة في البناء والتنمية .. وبقدر ما تسعفني الذاكرة وتعينني على استحضار ما مضى من المحطّات والأحداث فسأبذل جهداً لأكون واقعيّاً في التعامل ـ مراجعةً ومقارنةً وتحليلاً ـ مع سالف الأيّام وحاضرها ، علّني أقطف نتائج ورواشح تدعمني في تعميق