والمرارة التي أتجرّعها كطعم العلقم بسببه لا تعني عدم المراجعة والتحليل والمقارنة والحفر والبعثرة للحصول على النتائج المطلوبة ، فكثيرٌ من موارد النقد والانتقاص التي تعرّضتُ لها أفادتني فوائد لا تحصى ، بل غيّر البعض منها منهج واُسلوب ومصير حياتي رغم تلك المرارة والألم الفوري ; إذ النفس والأعماق ونشاط الضمير والعقل إبّان الخلوة والوحدة لا تقبل إلاّ الصدق والحقيقة بلا أدنى وهم وغبار ، ولا شكّ أنّ أرقى النقاشات والندوات والمؤتمرات هي التي تعقدها الذات بحضور القلب والعقل وسائر الأدوات ، فإنّها لو جرت على النسق المعياري العلمي الصحيح لخرجت بأشمخ النتائج وبأبهى القرارات ، حيث يتطابق التصوّر مع التصديق تطابق المسلّمات ، وتسير العمليّة سيراً مدروساً منطقيّاً من مرحلة الثبوت إلى مرحلة الإثبات .. وهذه هي واحدة من أدقّ مناهج التربية والبناء الإنساني السليم ; ذلك بفضل النقد البنّاء الذي يفتح أبواباً من المراجعة والمحاسبة والتصحيح والبناء والإبداع والبقاء والتطوّر والتأثير المستديم ..
* * *
لا اُخفي أنّي كنت أبحث عن فرصة عمل تناسبني وتسدّ قسماً من حاجتي ، ففتحت مؤسّسة آل البيت عليهم السلام آفاقها لي دون سواها في وقت كنت لا أعرف في «تحقيق النصوص» شيئاً ، صَعِبَ الأمرُ عليّ ابتداءً وكدت اُغادر مبكّراً لولا العمل الذي اُنيط بي لاحقاً ، فكتابة الهوامش عمليّة تحتاج إلى نظم واُمور فنّيّة كالخطّ الجميل وبعض