فأين أنا من مراتب العلم واليقين والاطمئنان ، فلا زلتُ هشّ الفهم والنضوح والوعي ، صلب القلب والأحاسيس والمشاعر ، فالغيبة والغيرة والحسد ونكران الجميل والخيانة والاستخفاف واللامبالاة والغضب والعجلة والغرور وسوء الظنّ والشهوة والمتعة ... تخالط عقلي وأعماقي وتنازعني المصير لتصرعني وتطرحني مهزوماً لا أبلغ مرتبة الذين أفلحوا وفازوا ....
وكم أتشدّق في دعائي وصلواتي وخلواتي برغبة تعجيل الفرج والصلح وحبّ الخير للآخرين وطلب الرحمة للأموات والابتهال بزيادة العلم واللحاق بركب الصالحين والإغناء بالحلال الربّاني عن الحرام وبفضله تعالى عمّن سواه وبطاعته سبحانه عن معصيته وتنوير العقل والقلب والوجه بنور الإيمان ... ولا أراني عاملاً جادّاً لها ، فكلّ همّي تأمين منافعي ورغباتي ، أنانيةً منّي ليس إلاّ ، والأقبح من ذلك إظهاري ما ليس في باطني وإسراري ما ليس على ظاهري ، نفاقاً منّي ليس إلاّ ..
إنّ حبّي لعقيدتي وهويّتي واُسرتي وأهلي وفضائي ومجتمعي واُمّتي وإنسانيّتي واعتزازي بمكوّنات ثقافتي ومعارف مدرستي لا يكفي لنيل المراد ; فالمفروض بي العمل الجادّ بمقرّرات الإيمان طبق خارطة الطريق التي رسمتها دوائر الهويّة الحقيقيّة ، كي يكون الحبّ نابعاً من الإيمان الصحيح ، وهذا هو الحبّ الذي يمهّد الطريق إلى بلوغ المنى وتحقّق الآمال ..