كلّ يوم اُمارس فيه عملي أزداد تجربةً ومعرفةً بالذي يجري من حولي ، وأزداد أيضاً تسلّطاً على إدارة المهامّ الملقاة على عاتقي وأكتشف أكثر فأكثر نقاط القوّة والضعف في نفسي وأسعى منهمكاً في دفع الأعمال إلى الأمام بكيفيّة وكمّيّة أفضل ، وهكذا يتواصل الجهد بين مزاولة التحقيق والكتابة وعقد الاجتماعات التي تهمّ التخصّص ، ومتابعة القضايا المختلفة ... وكنت ألزم نفسي بالحضور الدائم إلى جانب الرأس الأساس واستمرّ الحال على هذا المنوال أكثر من إثني عشر عاماً ، شعرتُ فيها بلذّة الإنتاج والحركة والحيويّة ، مقرونةً بالتنوّع والاُلفة وتحسّن الظرف على أبعاد شتّى ..
اُسجّل اعترافي : أنّ العناوين الاعتباريّة ـ في ظلّ هذا المحيط الهامّ ـ لها الأثر البارز في التفاعل والنموّ والاستمرار وترتّب الآثار ..
رغم الانهماك الكبير في فضاء العمل والإدارة والحضور الدائم إلى جانب الرأس الأساس ، لم أشعر يوماً أنّي صرت كما ينبغي أن أكون ، أي ذاك الذي كنت أتوقّعه ; فلطالما اعتقدتُ أنّي استحقّ ـ نتيجة الإخلاص والوفاء وبذل الجهد ـ أكثر من ذلك ، ولا أعني بالاستحقاق سوى الاعتباري منه ، وإلاّ فإنّي على الدوام ـ سرّاً وعلناً ـ شاكرٌ ممتنٌّ لما يجاد به عليَّ من جود وسخاء ، لذا لا أرى حاجةً كي اُذكَّر بها بين الحين والآخر ، فأنا مقرٌّ على طول الخطّ ، إلى ذلك : فإنّ المنّة لو حصلت فإنّها لا تناسب الشأن مطلقاً ، ولم يخطر ببالي أنّني أنكرت مرّةً جميل وحسن ما صُنِع معي ..