وهو وإن خسر المعركة عسكريّاً وآل الوضع إلى ما آل إليه ، لكنّه ربحها قيَميّاً ومبدئيّاً وأخلاقيّاً ، وهذا كلّ ما كان يتوخّاه من حركته المباركة ولاسيّما أنّه عالمٌ بمصيره المحتوم «شاء الله أن يراني قتيلاً» ; فملاك التغيير والإصلاح ملاك الحقّ لديه ، فما كان يبالي سواء وقع على الموت أم موقع الموت عليه ..
اُنظر ماذا صنع اليقين الذي كان يمازج روح الحسين (عليه السلام) وقلبه وعقله ، لقد صنع آيات من المجد وشوامخ من الكرامة واُسس وضّاءة لمفاهيم ومبادئ وأخلاق ستبقى أبد الدهر مشعلاً ينير درب السائرين نحو النجاة والفلاح ..
وانظر ماذا صنع العنف والإرهاب والترويع الذي مارسه عدوّ الحسين آنذاك ، ومازال ـ بأذرعه وثقافته ـ يمارسه إلى الآن ، لقد صنع عاراً وذلاًّ لن يغادرا التأريخ أبداً ..
ما كان الحسين ليقنع بمظاهر وقشور تحفظ لدين الملوك والوعّاظ مصالحهم ورغباتهم وسلطتهم ، بل كان يريدها حركةً شاملةً تبعثر وتحفر وتراجع وتقارن وتستقرئ وتستنطق كي يأخذ الإصلاح والتغيير مجراه الواقعي ..
نحن كذلك لا يهّمنا سوى ذلك الإصلاح والتغيير الواقعي الذي يعني العمل بالمحتوى والأخذ بالأصل والجوهر ونبذ القشور والمظاهر ، وهذا الهامّ رغم أنّه يخيف شريحة واسعة لكنّه يسعد اُمّة برمّتها ، اُمّة تعبت من