باُصولنا الثابتة وثوابتنا الأصليّة أم خرجنا عنها تبعاً لظروف الضغط والمصلحة والفهم وغيرها ، فلم نحتفظ إلاّ بالشعاريّة إزاء قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا ، وسخّرناها بأساليبنا الدعائيّة أداةً لمنافعنا وأهوائنا وحاجاتنا ، وزاولنا أرقى مراحل التأويل والتفسير البراغماتي لبلوع مآرب وغايات لابدّ من بلوغها مهما كلّف الأمر حتى وإن كانت «الغاية تبرّر الوسيلة» هذا المبدأ الذي نرفضه رفضاً قاطعاً في قيمنا وأدبياتنا ، لكنّا كثيراً ما عملنا به لنيل ما ينبغي لنا نواله؟
يخطر في ذهني أنّ أحد الفقهاء قدّس الله أرواحهم الزكيّة تعرّض إلى ذكر رواية في أكثر من مورد في كتابه الفقهي الاستدلالي وفي وقت كانت تلك الرواية تدعم مدّعاه وقوله استبسل في تجبيرها وتقويتها وإزالة عوامل الضعف عنها ، وحينما كانت نفس الرواية وفي موضع آخر تدعم مدّعى القول المخالف له راح يعمل على تضعيفها والنيل من حجّيّتها ، وقد أشار كاتب مقدّمة ذلك الكتاب إلى هذه النقطة بكلّ وضوح ..
لست بصدد استقراء الأفراد والمصاديق بقدر ما أهتمّ بالتركيز على أصل المشكلة ، رغم حاجة البحث لبعض العيّنات ودرج بعض الشواهد التي تقرّب الفكرة إلى ذهن القارئ أكثر وتجعلها أيسر فهماً وقبولاً ..
نعم ، إنّنا ارتكبنا مخالفات كبيرة وصغيرة ، كلٌّ بحسب نسبته ومكانته ، من علماء ونخب وكوادر ومتخصّصين إلى عامّة الناس وجمهور الاُمّة ، مخالفات بالخروج على القيم والثوابت والاُصول والمبادئ