حداثة كونيّة واحدة مفارقة كأ نّها الاُجروميّة المتعالية لمّا أطلقت عليها البنيوية الشكليّة مصطلح «أدبيّة الأدب» ..
إنّ وضع فعل الوعي الذي يصوغ الحداثة داخل سياقه التاريخي يؤكّد أنّنا إزاء حداثات متعدّدة على المستوى المتزامن (السينكروني) والمتعاقب (الدياكروني) على السواء ، أعني إزاء حداثات تتعدّد ، متوازية ، في العصر الواحد ، بتعدّد الشروط الخاصّة بكلّ مجتمع على حدة .. وإزاء حداثات تتعدّد ، متعاقبة ، في العصور المتتابعة ، بتعدّد المراحل التاريخيّة المتغايرة ..
كما يقول : إذا كانت الحداثة تعني ـ فكريّاً وعلميّاً ـ البحث الذي لا يتوقّف لتعرّف أسرار الكون وتعمّق اكتشاف الطبيعة ، والسيطرة عليها وتطوير المعرفة بها ، ومن ثم الارتقاء الدائم بموضع الإنسان من الأرض ، فإنّها تعني ـ اجتماعيّاً وسياسيّاً ـ الصياغة المتجدّدة للمبادئ والأنظمة التي تنتقل بعلاقات المجتمع من مستوى الضرورة إلى الحرّيّة ، ومن الاستغلال إلى العدالة ومن التبعيّة إلى الاستقلال ، ومن الاستهلاك إلى الإنتاج ، ومن سطوة القبيلة أو العائلة أو الطائفة إلى الدولة الحديثة ، ومن الدولة التسلّطيّة إلى الدولة الديمقراطيّة .. بذلك تجعل الحداثة الإنسان جديراً بالصورة التي كرّمه الله بها حين خلق آدم على صورته واستخلفه على أرضه .. وإذا كانت الحداثة تغيّر عالم هذا الإنسان فإنّها تسبق ذلك بتغيير إبداعه ...
إنّ الحداثة بهذا الفهم تبشّر بإنسان قدرته على التمرّد لا تفارق نهمه