أقطاب الدين ، المراجع والفقهاء والعلماء الربانيّين ، يريدونها أشبه بالوصفة الكاملة الجاهزة لا الناقصة المعلّقة .. مع أنّ إشكاليّة التعبّديّة المحضة لها مجالها الواسع ومحلّ بحثها الخاصّ الذي يستدعي بسط مائدة النقاش على غاية من الوضوح والشفّافيّة ; نظراً لتغيّر حياة الإنسان وتطوّر طموحاته وأفكاره الناهدة نحو فهم الحقيقة بالبرهان والدليل لا بالتعبّد المحض «والإسكات الآفل» ..
وعلم الرجال عندنا يعاني ممّا يعاني ، فحتى اُصولنا الرجاليّة ـ مثلاً ـ تختلف اختلافاً بيّناً في الرجل الواحد بين توثيق وتضعيف وإهمال وتجهيل ... الأمر الذي يجعل جوانب من هذا العلم محلّ السؤال والاستفهام ممّا ينسحب على الرواية ومصيرها .. بل مصير أحد أدلّتنا الأربعة الأساسيّة وهي السنّة ، على أنّ بعض الكبار ـ وهو الحقّ ـ يرى محاكاة متن الرواية لنا ولقيمنا ومناهجنا وعقولنا وانتمائنا إن كان صادراً من المعصوم (عليه السلام) ، وإلاّ فلا يصدر كذا متن منه عليه السلام ... من هنا يطرح البعض ضعف علم الرجال أحياناً في المساهمة للوصول إلى المراد ..
كتابة التاريخ أيضاً بقيت عندنا مجرّد محاولات فاشلة ، هذا العلم الكبير الذي سبقتنا فيه مختلف الاُمم والحضارات وخصومنا ، وبقينا نحن نراوح في مكاننا ، ولاسيّما إذا عرفنا أنّ علم التاريخ ليس مجرّد وصف المعلومات والأحداث التي توالت عبر الحقب والأزمان الماضية ، بل هو تحليل ومناقشة ومنطق وإناسة وبنيويّة وسيكيولوجيا وميثودلوجيا وانثروبولوجيا وسوسولوجيا وسائر محاور الحياة والإنسان ...