كاف للتوفيق ، ولأن الواجب الكفائي يخاطب به جميع المكلفين كالعيني ، وإنما يسقط عن البعض بقيام البعض فجاز خطاب الجميع به ، ولا شبهة على القولين في سقوط الوجوب بعد حصول المطلوب لفقد شرطه الذي منه إصرار العاصي. وإنما تختلف فائدة القولين في وجوب قيام الكل به قبل حصول الغرض وإن قام به من فيه الكفاية وعدمه.(ويستحب الأمر بالمندوب والنهي (١) عن المكروه) ولا يدخلان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأنهما واجبان في الجملة (٢) إجماعا ، وهذان غير واجبين فلذا أفردهما عنهما ، وإن أمكن تكلف دخول المندوب في المعروف ، لكونه الفعل الحسن المشتمل على وصف زائد على حسنه من غير اعتبار المنع من النقيض.
أما النهي عن المكروه فلا يدخل في أحدهما ، أما المعروف فظاهر ، وأما المنكر فلأنه (٣) الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه ، والمكروه ليس بقبيح.
(وإنما يجبان مع علم) (٤) الآمر والناهي (المعروف والمنكر شرعا) لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف ، والمراد بالعلم هنا المعنى الأعم ليشمل الدليل الظني المنصوب عليه شرعا ، (وإصرار الفاعل (٥) ، أو التارك) فلو علم منه الإقلاع والندم
______________________________________________________
(١) أما استحباب الأمر بالمندوب للنبوي (الدال على الخير كفاعله) (١) ، وخبر السكوني المتقدّم عن أبي عبد الله عن آبائه عن علي عليهمالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دلّ على خير أو أشار به فهو شريك ، ومن أمر بسوء أو دلّ عليه أو أشار به فهو شريك) (٢).
وأما استحباب النهي عن المكروه فكذلك لخبر السكوني المتقدم ، لكن صرح أكثر من واحد أن المنكر مختص بالحرام فالنهي عنه كله واجب ، وكأنه اصطلاح منه في ذلك وإلّا فالمنكر يشمل الحرام والمكروه. كما يشمل المعروف للواجب والمندوب.
(٢) سواء قلنا بالعينية أو الكفائية.
(٣) أي المنكر وقد عرفت أنه على نحو الاصطلاح بينهم.
(٤) بلا خلاف فيه ، لخبر مسعدة بن صدقة المتقدم.
(٥) أي إصرار الفاعل للمنكر وإصرار التارك للمعروف ، فلو علم منه الإصرار ولو من ـ
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأمر والنهي حديث ١٩ و ٢١.