من الأصحاب في جعلهم هذا القسم من مراتب الأمر والنهي.
(ويجوز للفقهاء حال الغيبة إقامة الحدود مع الأمن من (١) الضرر) على
______________________________________________________
(١) لا يجوز لأي إنسان أن يقيم الحدود لاستلزامه الهرج والمرج والفساد والمعلوم عدمها في الشريعة ، وإنما هي بإذن الإمام المعصوم عليهالسلام أو من نصبه لذلك بلا خلاف في ذلك.
ولكن هل يجوز للفقيه إقامة الحدود في زمن الغيبة أو لا ، ذهب المشهور إلى ذلك لمقبولة عمر بن حنظلة (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقا ثابتا له ـ إلى أن قال ـ فكيف يصنعان؟ قال عليهالسلام : ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما ، فإني قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا راد على الله ، وهو على الشرك بالله) (١) ، وخبر أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبد الله عليهالسلام (إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه) (٢) ، وخبره الآخر المروي في التهذيب (بعثني أبو عبد الله عليهالسلام إلى أصحابنا فقال : قل لهم إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تداري في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق ، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا ، فإني قد جعلته قاضيا ، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر) (٣) ، وما ورد في التوقيع عن مولانا صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) (٤) بدعوى أنه قد جعله حاكما وليس المراد منه الحكم من دون إنفاذ بل المراد منه إنفاذ الحد الذي يحكم به سيما في مثل حد القذف مع الترافع إليه وثبوته عنده وحكمه بالثبوت على القاذف.
وفيه : أما التوقيع فظاهر في الإفتاء بالنسبة للمسائل المستجدة ، وأما جعله حاكما أو قاضيا فظاهر في فصل التنازع بين المتخاصمين كما هو وظيفة كل قاض ، وأن إقامة الحدود فغير ظاهر من الأخبار ثبوتها خصوصا بعد ملاحظة خبر حفص بن غياث (سألت أبا عبد الله ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٥.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٦ و ٩.