فيه الكفاية ، فيسقط عن الباقين. سقوطا مراعى باستمرار القائم به إلى أن يحصل الغرض المطلوب به شرعا ، وقد يتعين بأمر الإمام (١) لأحد على الخصوص وإن قام به من كان فيه كفاية ، وتختلف الكفاية (بحسب الحاجة) بسبب كثرة المشركين ، وقلتهم ، وقوتهم وضعفهم.
(وأقله مرة في كل عام) (٢) لقوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا
______________________________________________________
ـ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ) (١) ، أو أن المراد بها خصوص غزوة تبوك التي استنفرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها ، فتخلف فيها كعب بن مالك وأصحابه فهجرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى تاب الله عليهم ، أو أن المراد بالآية هو الوجوب ابتداء وهذا لا يمنع الواجب الكفائي لأنه كما حرر في الأصول فهو واجب على الجميع وإن كان يسقط بفعل من يقوم به منهم ولذا بعاقب الجميع على تركه ، ويؤيده خبر دعائم الإسلام عن علي صلوات الله عليه (الجهاد فرض على جميع المسلمين لقول الله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتٰالُ) ، فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين وسع سائرهم التخلف عنه ، ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد ، فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوا حتى يكتفوا ، قال الله عزوجل : (وَمٰا كٰانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) (٢) ، وإن أدهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم ، قال الله عزوجل : (انْفِرُوا خِفٰافاً وَثِقٰالاً ، وَجٰاهِدُوا بِأَمْوٰالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ) (٣)) (٤).
هذا ومن الواضح أن الكفاية بحسب الحاجة بكثرة المشركين وقلّتهم وضعفهم وقوّتهم.
(١) لأن من استنهضه الإمام فيجب عليه القيام لوجوب إطاعة أمر المعصوم عليهالسلام.
(٢) كما عن الشيخ والفاضل والشهيدين والكركي ، لقوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (٥) ، حيث علق وجوبه على الانسلاخ ، وهو لا يتحقق في العام إلا مرة واحدة ، وهو ضعيف لأن بقية الآية (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، فَإِنْ تٰابُوا وَأَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَآتَوُا الزَّكٰاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ، إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦)، وهي دالة على وجوب مقاتلهم حتى يحصل المقصود وهو اسلامهم ، ولم يتقيد ذلك بوقت دون آخر فتجب المقاتلة حتى يتحقق ، وهذا قد ـ
__________________
(١) سورة التوبة الآية : ١٢٣.
(٢) سورة التوبة الآية : ١٢٣.
(٣) سورة التوبة الآية : ٤١.
(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب جهاد العدو حديث ٢٣.
(٥ و ٦) سورة التوبة الآية : ٥.