وهذه هي المتعة التي أنكرها الثاني (١) (لكن لا يلبي بعد طوافه وسعيه) (٢) لأنهما محللان من العمرة في الجملة والتلبية عاقدة للإحرام فيتنافيان ، ولأن عمرة التمتع لا تلبية فيها بعد دخول مكة (فلو لبّى) بعدهما (بطلت متعته) التي نقل إليها (وبقي على حجه) السابق لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) ، ولأن العدول كان مشروطا بعدم التلبية ولا ينافي ذلك (٣) الطواف والسعي ، لجواز تقديمهما للمفرد على الوقوف ، والحكم بذلك هو المشهور ، وإن كان مستنده لا يخلو من شيء (٤) (وقيل) والقائل ابن إدريس (لا اعتبار إلا بالنية) (٥) اطراحا للرواية وعملا بالحكم الثابت من جواز النقل بالنية ، والتلبية ذكر لا أثر له في المنع (ولا يجوز العدول للقارن) (٦) تأسيا بالنبي (ص) حيث بقي على حجة لكونه قارنا ، وأمر من لم يسق
______________________________________________________
(١) فعمر إن أنكر العدول من الإفراد إلى التمتع في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما تدل عليه جملة من النصوص قد أوردها الشيخ الحر العاملي في الباب الثاني من أبواب أقسام الحج ، إلا أنه في زمن غصبه الخلافة قد حرم عمرة التمتع مطلقا كما تشهد بذلك كتب التواريخ ، بل إن اعتراضه على النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في العدول من أجل أن لا تقطر رءوسهم ماء بعد ما خرجوا حجاجا كما يشهد بذلك قوله في صحيح الحلبي المتقدم ، وهو جار بنفسه في عمرة التمتع ولو ابتداء ، ولذا نهى عنها فيما بعد ، ومن معاجز النبوة قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في صحيح الحلبي المتقدم : (إنك لن تؤمن بهذا ابدا).
(٢) اللذان أوقعهما قبل العدول إلى عمرة التمتع ، لأن المفرد والقارن يجوز لهما تقديم الطواف والسعي قبل الوقوف بعرفة بخلاف المتمتع فلا يجوز كما سيأتي بيانه في المسألة الثانية.
والأصل في حكم مسألتنا موثق إسحاق بن عمار عن أبي بصير (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة ، فقال : إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له) (١).
(٣) أي العدول.
(٤) فإسحاق بن عمار فطحي المذهب وأبو بصير مشترك بين الثقة وغيره.
(٥) بمعنى أن المفرد لا يتحلل قبل إكمال الحج إلا بنية العدول إلى العمرة فيتحلل مع العدول بتمام أفعال العمرة ، وعلى هذا يتحقق التحلل بالنية.
(٦) بلا خلاف ، للأخبار التي تقدم بعضها في جواز العدول للمفرد.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أقسام الحج حديث ٩.