قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، ويذكر حديثا. وأبوه معروف كان عامّيا غير معروف بطلب الحديث ولا بسماعه ولا يفهم الرّواية ولا كان من أهلها. وكان في ابنه عبيد الله من الجرأة والقحّة والإقدام أن خرّج عنه وأدخله في جملة الرّواة ونقله الأخبار ، وجعله ممن يسند إليه تمهيدا لنفسه حتى يقال : هو محدّث ابن محدّث ومن أولاد الشيوخ الرّواة ، ولم يحصل له ذلك بل كان من أظهر الأدلّة على تمحّله وتخرّصه وادعائه ما لم يكن قطّ إلى غير ذلك من فعلاته الظّاهرة المحال وروايته الواضحة البطلان.
وقد بلغني أنّ شيخنا أبا الفرج ابن الجوزي بلغه أنّه روى عن شيخ من أهل بغداد يتحقق أنّه ما سمع منه ، وأحضره عنده وسأله عن رواية غير ذلك الشّيخ ، فأقرّ بالسّماع منه ، فسأله عن مولده فأخبره ، وذكر الشّيخ وفاة ذلك الشّيخ فكان قد توفّي قبل مولد هذا الرّجل ، أعني ابن المارستانية ، فظهر كذبه واتّضح تخرّصه.
ولقد وقفت على جزء من حديث أبي محمد العلوي الأقساسي الكوفي وقد رواه القاضي أبو الفضل الأرموي عنه سماعا صحيحا ، وسمعه من الأرموي جماعة في طباق وعليه طبقة قد زوّرها هذا ابن المارستانية على الأرموي وذكر اسمه فيها وسماعه منه ، وجعل كاتب السّماع أبا العلاء محمد بن هبة الله ابن البوني الواسطي وهي ظاهرة المحال من وجوه : منها بعد سماعه من الأرموي لأنّه كان في حياته صبيا ولم يكن معروفا بطلب الحديث في صباه ولا كان له من يسمّعه ، ومنها : أنّ أبا العلاء لم يسمع من الأرموي ولا دخل بغداد في حياته ، وإنما دخلها بعد وفاته بسنين ، وقد أدركنا أبا العلاء وسمعنا منه ، وما ذكر لنا أنّه سمع من الأرموي ولا غيره من أهل بغداد لاشتغاله بغير ذلك ، ومنها : أنّ خطّ أبي العلاء كنا نعرفه ، وقد كتب لنا سماعا عليه بخطّه وفي إجازة لا يشبه الخطّ الذي على الجزء بسماعه من الأرموي. ثم رأيت على حاشية الجزء المذكور عنه هذه الطّبقة بخطّ أبي القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي : كذب فعل الله به