١١ ـ أيوب بن سليمان السّهيلي (١)
من السقط : أنه من ولد سهيل بن عبد العزيز بن مروان ، ممن خمل ذكره بالفتنة ، كان بقرطبة يخدم ابن الحاج ، فلما ثار ابن الحاج في مدة الملثّمين أنشده قصيدة منها :
إذا أنا لم أبلغ بك الأمل الذي |
|
قطعت به الأيام فالصّبر ضائع |
فاعتذر له بالفتنة ، فقال : إن لم يكن ما ارتقبته فليكن وعد والتفات ، أتعلل بهما ، وأعلم منهما أني في فكر الأمير ، فالسكوت يطمس أنوار الآمال ، ويغلق أبواب الرجاء.
وكان قد حرضه على بن حمدين (٢) ، فلما ظفر ابن حمدين حصل في يده أيوب ، فكلمه بكلام ألان به قلبه ، إلا أنه أمره أن يغيب عنه ، فرحل إلى سرقسطة وملكها ابن تيفلويت (٣) ، فكتب إلى وزيره بن باجّة (٤) :
يا من به لاذ العفاة ونحوه |
|
رقت الأماني دلّني ما أصنع |
إن صنت وجهي عن سؤال متّ من |
|
جوع ومثلي للورى لا يخضع |
فتسبّب له في إحسان من قبل الملك ، على أن يرحل عن بلدهم فرارا من هذا النسب ، فقال : الحمد لله الذي أسعدنا به أوّلا ، وأشقانا به آخرا.
واتفق له في طريقه أن أكرمه بدويّ نزل عنده ، وقد تخيّل أنه رسول من بعض ملوك الملثّمين ، أو ممن يلوذ بهم ، فلما أعلمه غلامه أنه من بني أمية هاج وأخذ رمحه ، وحلف أن لا يبقى له في منزل. فقال لغلامه : إذا سئلت عني فقل إنه من اليهود ، فإنه أمشى لحالنا. وله من شعر :
قرطبة الغراء هل أوبة |
|
إليك من قبل الحمام المصيب |
ذكرك قد صيّرته ديدنا |
|
وكيف أنساك وفيك الحبيب |
ومات بسرقسطة في المائة الخامسة.
__________________
(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٧٥ / ٧٦).
(٢) هو قاضي قرطبة وممدوح ابن خفاجة ، ترجمته في الأدب الأندلسي والمغربي (ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤) والتكملة (ص ٣٨).
(٣) هو أبو بكر بن إبراهيم ، المعروف بابن تيفلويت ، صاحب سرقسطة ، توفي سنة ٥١٠ ه. ترجمته في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٢١٢) و (ج ٩ / ص ٢٤٥).
(٤) ترجمته في نفح الطيب (ج ٩ / ص ٢٤٣ / ٢٤٤ / ٢٥٤) والإحاطة (ج ٤ / ص ٢٥٠) وقلائد العقيان (ص ٢٩٨ / ٣٠٤) وسيترجم له ابن سعيد في غرناطة.