وقلت لعيني : ما وفيت وإن جرت |
|
عليك كما ينهلّ منسكب القطر |
وكيف أوفّي قدر ثكلي بعد من |
|
دفنت به الآمال أجمع في قبر |
على حين لم أبصر به ما رجوته |
|
ولم أر من ذاك الهلاك سنا البدر |
فواها لعمر منك لذّ قصيره |
|
فكان خفيفا مثل إغفاءة الفجر |
١٣٥ ـ أبو عبد الله محمد بن شخيص (١)
من المسهب : أحد من له البيت الرّفيع ، والنّظم البديع ، وممن يحضر مجلس المظفر بن أبي عامر. وماشاه يوما في بستان ، فنظر إلى ورد مقابل آس [ورغب] أن يقول في ذلك ، فقال :
أراد الورد بالآس انتقاصا |
|
فقال له : نقيصتك الملال |
فقال الورد : لست أزور إلا |
|
على شوق كما زار الخيال |
وأنت تديم تثقيلا طويلا |
|
تدوم به كما رست الجبال |
فتسأمك العيون لذلك بغضا |
|
وترقبني كما رقب الهلال |
وذكر الحميدي أنه مات قبل الأربعمائة.
١٣٦ ـ جعفر بن أبي علي القاليّ (٢)
من المسهب : بنى له أبوه بقرطبة مرتبة بقيت محفوظة ، ورفع له ذكرا ووطّد له كرامة لم تزل ملحوظة ، وحمى ما غرسه له أبوه ، وثمّره بناصع أدبه.
قال : ومن فطانته أنه دخل يوما على المنصور بن أبي عامر ، فقال له من أراد ينكّت عليه : يا مولانا هذا هو القالي. فقال جعفر : لأعداء الحاجب أذلّهم الله بعزته. فاستحسن ذلك المنصور.
ومن أحسن ما أنشد له قوله من شعر :
بين العذيب وبين وادي المنحنى |
|
خلّفت قلبي للصّبابة والعنا |
الموت أحسن من فراقك ساعة |
|
أتراك تحسب من تفارق في هنا |
ودّعت منك الغصن يبسم زهره |
|
والورد عانق آسه والسّوسنا |
ورحلت منك بعبرة ما تنقضي |
|
فحسبت جفني للسّحائب معدنا |
__________________
(١) ترجمته في جذوة المقتبس (ص ٩١) وبغية الملتمس (ص ١٢٩) ويتيمة الدهر (ج ٢ / ص ٢٢) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٥٧).
(٢) ترجمته في بغية الملتمس (ص ٢٣٩) وفي الصلة (ص ١٢٩) وفي جذوة المقتبس (ص ١٧٥).