مدلولاتها (١) ، إلّا أنّها غير متعارضة ، لعدم (٢)
______________________________________________________
(١) كما عرفت في مثال «أعتق رقبة» و «أعتق رقبة مؤمنة».
(٢) تعليل لعدم تعارض الأدلة مع تنافي مدلولاتها ، حيث ان مناط التعارض ليس هو التنافي بين المدلولات ، بل مناطه تنافيها في مقام الدلالة والإثبات ، وهو مفقود في العام
__________________
بيّنة الخارج.
الثاني : أنه يعتبر احتمال صدور كلا الخبرين عن الإمام عليهالسلام ، بمعنى عدم العلم بكذب أحد الراويين في حكاية الحكم عن الإمام ، أو اشتباهه في نقله ، فلو علم إجمالا بكذب أحد الخبرين من الظاهر والأظهر لم يتجه الجمع بينهما ، لأن الجمع بين الدلالتين متفرع على إحراز صدورهما ، وإلّا فأصالة السند في كل منهما تقتضي بالدلالة الالتزامية عدم صدور الآخر من الإمام عليهالسلام ، ولازم عدم صدوره عدم التعبد بدلالته أيضا ، ومعه لا ينتهي الأمر إلى التعارض بين الدلالتين حتى يجمع بينهما.
وبعبارة أخرى : المدار في هذا الجمع إنما هو على التصرف في كلام إمام ورد منه أو من إمام آخر على خلافه أظهر منه ، وهذا يقطع تفصيلا بعدمه ، لأنه على تقدير كون الصادر هو الأظهر فلا ظاهر في قباله حتى يقتضي الأظهر التصرف فيه. وعلى تقدير كون الصادر هو الظاهر فلا أظهر في قباله ، ومرجع ذلك إلى العلم بعدم صدور ظاهر من الإمام «عليهالسلام يجب التصرف فيه بحمله على الأظهر ، إمّا لعدم صدور الظاهر نفسه ، وإمّا لعدم صدور أظهر على خلافه (١).
الثالث : أنهم اعتبروا في هذا الجمع بقاء مقدار من دلالة الظاهر لئلا يلزم لغوية التعبد بسنده ، فيكون تقديم الأظهر عليه في بعض مدلوله لا تمامه. وهذا المعنى لا يخلو من خفاء وإن التزموا به في العام والخاصّ ، ولذا قالوا بعدم جواز التخصيص البالغ حدّ الاستهجان ، فإنه ـ بناء على كون التقديم بمناط شارحية القرينة للمراد النهائيّ من ذيها ـ يلزم جريان ضابط الحكومة في المقام أيضا ، من جواز تصرف الحاكم في تمام مدلول المحكوم ، إذ الحاكم يحدّد موضوع المحكوم.
وليكُن المقام كذلك ، سواء أكان في حمل الأمر الظاهر في الوجوب على الاستحباب بقرينة التصريح بجواز الترك ، أم في حمل المطلق على المقيد ، أم في العام والخاصّ ، فإنّ تقديم القرينة على ذي القرينة ليس إلّا بمناط الشرح والتفسير بنظر أهل المحاورة ، وهذا المناط مطّرد في جميع الموارد ، فما يقال من اعتبار بقاء مقدار من دلالة الظاهر مما لم يظهر له وجه وجيه. إلّا أن يكون تقديم الخاصّ على العام بملاك آخر غير القرينية.
__________________
(١) نهاية الأفكار ، ٤ ـ ٣٨٥