أو التّضاد (١)
______________________________________________________
وتوضيحه : أن التعارض وإن كان وصفا لنفس الدليلين ـ لا وصفا للمدلولين ـ كما مرّ مشروحا ، لكن الواسطة الثبوتية لتعارض الخبرين هي تنافي المدلولين ، ومن المعلوم أن تنافي المدلولين يكون بنحو التناقض تارة كما في دلالة أحدهما على وجوب شيء والآخر على عدم وجوبه ، ويكون بنحو التضاد أخرى ، كما في دلالة أحدهما مثلا على استحباب صلاة العيدين جماعة في عصر الغيبة ودلالة الآخر على حرمتها بناء على تضاد الوجوب والاستحباب.
ويشهد لما ذكرناه من أن مراد المصنف بيان منشأ التعارض لا جعل التناقض والتضاد في نفس الحجية ـ حتى يشكل بما سيأتي بيانه في التعليقة من كون التعارض في الحجية على وجه التضاد دائما كما أفاده شيخنا المحقق العراقي ـ تعبيره في الفوائد ، قال فيها : «التعارض وإن كان هو تنافي الدليلين بحسب المدلول ، للتناقض أو التضاد بين المدلولين» (١). وهذا صريح في أن التعارض وإن لم يكن تنافي المدلولين كما زعمه المشهور ، بل هو تعارض الدليلين ، لكن منشأ تعارض الدليلين تناقض مدلوليهما تارة وتضادهما أخرى. ويستفاد هذا من عبارة الحاشية أيضا ، قال فيها : «ولا ينافي ذلك ـ أي كون التعارض وصفا قائما بنفس الدليلين ـ كون المنشأ تنافي المدلولين ، لسراية التنافي إليهما بما هما دليلان ...» (*) (٢).
(١) الوجه في زيادة قيد «التضاد» وعدم الاقتصار على التنافي بنحو التناقض هو : أنّ التنافي الّذي فسّر به التعارض لمّا كان موهما لاختصاص التعارض بالتناقض ـ لأن مقتضى التنافي هو النفي والرفع الّذي هو نقيض كل شيء ـ دعا الشيخ والمصنف وغيرهما «قدسسرهم» إلى أخذ قيد التضاد في تعريفه ليعمّ التعارض مطلق التمانع بين المداليل. ودعوى عدم الحاجة إلى قيد «التضاد» لأن الدليلين الدالين على المتضادين بالمطابقة
__________________
(*) أورد شيخنا المحقق العراقي «قده» وغيره على تعريفي المشهور والمصنف بما محصله : أما الإشكال على تعريف المشهور فبلزوم الاقتصار على قيد التناقض ، إذ بعد تعميم المدلول للمدلول
__________________
(١) الفوائد المطبوعة مع حاشية الرسائل ، ص ٣٢٤
(٢) حاشية الرسائل ، ص ٢٥٥