فافهم (١) (*).
______________________________________________________
(١) لعله إشارة إلى عدم إحراز كون تمام الملاك في حجية الفتوى هو القرب إلى الواقع حتى يتعين العمل بفتوى الأعلم ، لاحتمال كون الملاك في الحجية هو غلبة الإيصال المشتركة بين الفاضل والمفضول ، كما يحتمل كونه الأقربية ، ومع عدم الجزم بدوران الحجية مدار الأقربيّة لا وجه لتعين الرجوع إلى الأعلم وترك قول المفضول رأسا. فالتعيين يتوقف على دليل آخر غير الأقربية.
أو إشارة إلى ما أفاده المحقق الأصفهاني «قده» بقوله : «إن أريد أن القرب إلى الواقع لا دخل له أصلا فهو خلاف الطريقية الملحوظة فيها الأقربية إلى الواقع في أمارة خاصة من بين سائر الأمارات. وإن أريد أن القرب إلى الواقع بعض الملاك ، وأنّ هناك خصوصية أخرى تعبدية فهو غير ضائر بالمقصود ، لأنّ فتوى الأفضل وإن كانت مساوية لفتوى غيره في تلك الخصوصية التعبدية ، إلّا أنّها أقوى من غيرها من حيث القرب الّذي هو بعض الملاك ، فإنّ الأرجح لا يجب أن يكون أقوى من غيره من جميع الجهات ، بل إذا كان أرجح من جهة فهو بقول مطلق أرجح من غيره» (١).
__________________
(*) لا يخفى أنّ في مسألة تقليد الأعلم مباحث مهمّة لا يسعنا التعرض لها في هذا الوجيزة ، وقد تعرّضنا لها في شرح تقليد العروة الوثقى ، ونذكر بعضها هنا بنحو الاختصار ، فتقول وبه نستعين : أنّه ينبغي قبل ذكر أدلة المجوّزين والمانعين تأسيس الأصل في المسألة حتى يرجع إليه على تقدير عدم تمامية أدلّة الطرفين.
تأسيس الأصل
لا إشكال في أنّ كلّا من التقليد وأخويه طريق إلى امتثال الأحكام الفعلية الإلزامية المنجزة بالعلم الإجمالي وسقوطها ، ومؤمّن من العقوبة كالقواعد الجارية في وادي الفراغ كقاعدتي التجاوز والفراغ ، ومن المعلوم أنّ المؤمن العقلي ـ بناء على عدم ثبوت مؤمّنية فتوى المفضول لا ارتكازا ولا شرعا ولا عقلا ـ منحصر في العمل بفتوى الأفضل أو الاحتياط ، لكون كلّ منهما مؤمّنا عقلا من
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ٢١٥