كما أنّه لا يعقل التعبد (١) بالقطعي الصدور الموافق ، بل الأمر في الظنّي الصدور (٢) أهون ، لاحتمال عدم صدوره (٣) بخلافه (٤)». ثم قال (٥) : «فاحتمال تقديم المرجحات السندية على مخالفة العامة ـ مع نصّ الإمام عليهالسلام على طرح موافقهم (٦) ـ من العجائب والغرائب التي لم يعهد صدورها من ذي مسكة فضلا عمن هو تال العصمة علما وعملا». ثم قال : «وليت شعري أن هذه الغفلة الواضحة كيف صدرت منه؟ مع أنّه في جودة النّظر يأتي بما يقرب من شقّ القمر».
وأنت خبير بوضوح فساد برهانه (٧) ،
______________________________________________________
(١) لامتناع اجتماع الإحراز التعبدي مع الإحراز الوجداني.
(٢) كما هو المفروض ، إذ مورد البحث هو الخبر الظني الصدور الواجد للمرجحات الصدورية ، يعني : أنّ امتناع التعبد بصدور الظني أسهل من امتناعه في القطعي ، لما ذكره من احتمال عدم الصدور في الظني ، وانتفائه في القطعي الصدور ، فإذا رفعنا اليد عن القطعي الموافق للعامة ، فرفع اليد عن الظني أسهل.
(٣) أي : عدم صدور الظني الصدور.
(٤) أي : بخلاف القطعي الصدور ، فإنّ رفع اليد عنه ـ لقطعية صدوره وانتفاء احتمال عدم الصدور فيه ـ أصعب من رفع اليد عمّا فيه احتمال عدم الصدور.
(٥) يعني : بعض الأعاظم من تلامذة الشيخ ، وهو المحقق الرشتي «قده».
(٦) كقوله عليهالسلام في مصحح عبد الرحمن بن أبي عبد الله : «فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه».
(٧) وهو : امتناع التعبد بالخبر الموافق للعامة لأجل دوران أمره بين الاحتمالين ، وهما : عدم صدوره ، وصدوره للتقية. لكنه ليس كذلك ، لدورانه بين احتمالات ثلاثة ، أعني الاحتمالين الأوّلين ، واحتمال صدوره لبيان حكم الله الواقعي ، ومن المعلوم أن احتمال صدور الموافق يخرج التعبد به عمّا ادّعاه الميرزا الرشتي «قده» من الامتناع وعدم المعقولية ، لكفاية احتمال الصدور في شمول أدلة حجية الخبر له ، إذ المانع عن الشمول