.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الرواية الثانية : خبر الحارث بن المغيرة. أما السند فهو كسابقه مروي عن الاحتجاج مرسلا. وأما الدلالة فقد عرفت ظهورها في جعل التخيير بين المتعارضين ـ تكافئا أم تفاضلا ـ إلى زمان التمكن من لقاء الإمام الحجة صلوات الله وسلامه عليه وعجل فرجه الشريف.
لكن نوقش فيها تارة بأن موردها التمكن من لقاء الإمام القائم بالأمر في كل عصر ، وصورة ترقب لقائه عليهالسلام كما في أيام الحضور ، لا زمان الغيبة. والرخصة في التخيير في مدة قليلة لا تلازم الرخصة فيه أبدا (١). وأخرى بأنها «لا دلالة لها على حكم المتعارضين. ومفادها حجية اخبار الثقة إلى ظهور الحجة عليهالسلام» (٢).
وكلاهما لا يخلو من غموض : أما الأوّل فلأن كل واحد من الأئمة المعصومين عليهمالسلام وإن كان قائما بالحق ، بل أطلق على بعضهم في الأخبار ، إلّا أن الظاهر اختصاص لقب «القائم» ـ عند الإطلاق ـ بالإمام الحجة المنتظر «عليه أفضل الصلاة والسلام» ، لقِّب به من عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ورد في كثير من الأخبار ، فقد روي عنه صلىاللهعليهوآله عند بيان الأئمة من ولد الحسين عليهالسلام : «تاسعهم قائمهم» و «التاسع قائمهم» و «تاسعهم قائمهم قائم أمّتي» و «تاسعهم قائمهم ومهديّهم» ونحو هذا التعبير كما لا يخفى على من راجع مظانه.
وعليه فظاهر خبر الحارث جعل التوسعة والتخيير بين المتعارضين في عصر الغيبة. ولعل تحديد ذلك برؤيته عليهالسلام لأجل طول غيبته زمانا وقصر مدى إمامة سائر الأئمة عليهمالسلام.
ولو لم يكن مقصوده عليهالسلام جعل التخيير كان الأنسب تحديد التوسعة برؤية كل واحد منهم ، بأن يقال : «حتى تراني أو ترانا» كتحديد الأمر بالوقوف في المقبولة بملاقاة الإمام عليهالسلام فالإتيان باللقب المختص بالإمام الحجة «عليهالسلام وعجل فرجه الشريف ، وتعليق السعة على رؤيته «عليهالسلام» ظاهر في جعل التخيير في الأزمنة المتمادية قبل ظهوره عليهالسلام ، حيث يكون المدار في عصر الدولة المهدوية على الأحكام الواقعية بلا تقية لخوف أو مداراة ، هذا.
مضافا إلى : أن الحكمة في جعل التوسعة ـ وهي الإرفاق بالمكلفين ورفع الحرج عنهم مع كثرة الأخبار المتعارضة في أبواب الفقه ـ تقتضي جعلها في حق الشيعة في عصر الغيبة ، لحرمانهم عن التشرف بمحضره عليهالسلام بخلاف الشيعة المعاصرين لهم عليهمالسلام لتمكنهم أحيانا من التشرف واستعلام الوظيفة منهم.
وعليه فجعل التخيير في حقهم يقتضي جعله في عصر الغيبة بالأولوية. هذا مع الغض عن ظهور
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٦٢
(٢) مصباح الأصول ٣ ـ ٤٢٤