.................................................................................................
______________________________________________________
الترجيح بمرجحات الرواية ـ بناء على وجوب الترجيح وعدم التمسك بإطلاق أدلة التخيير ـ وهي كما تقدمت في الفصل الثالث من هذا المقصد أمور وردت في مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها كالترجيح بصفات الراوي وبشهرة الرواية وبموافقة الكتاب ومخالفة العامة.
وهذه المرجحات إمّا راجعة إلى السند ، بمعنى كونها موجبة لأقربية صدور الخبر الواجد للمزية من الشارع من صدور الخبر الفاقد لها ، وإمّا راجعة إلى تقوية مضمون الخبر ومدلوله كموافقة أحد المتعارضين للكتاب ، وإمّا راجعة إلى جهة الصدور كمخالفة العامة ، حيث إنّها تقوّي صدور الخبر المخالف لهم بداعي بيان الحكم الواقعي ، دون الخبر الموافق لهم.
وعلى هذا فإن كانت المزية في أحد الخبرين فلا كلام في وجوب ترجيح ذلك الخبر على الفاقد لها. وإن كانت المزية في كليهما ، كما إذا كان الخبران مشهورين ـ كما هو مفروض سؤال ابن حنظلة ـ فلا كلام أيضا في الترجيح بمزية أخرى إن وجدت. وإن كان كل منهما مشتملا على مزية غير ما اشتملت عليه الأخرى ، كما إذا كان أحد الخبرين مشهورا رواية وموافقا للعامة ، والخبر الآخر غير مشهور ومخالفا للعامة ، فهل اللازم تقديم الخبر المشهور ـ رعاية للترتيب بين المرجّح الصدوري والمضموني والجهتي ـ أم يعدّ هذان الخبران متكافئين ويتخير في العمل بهما؟ فيه أقوال :
منها : ما ذهب إليه الوحيد البهبهاني «قده» من الترتيب بين أقسام المرجّحات ، وتقديم المرجح الجهتي ـ وهو مخالفة العامة ـ على المرجح الصدوري والمضموني ، فلو كان راوي أحد الخبرين عدلا وكان الخبر مخالفا للعامّة ، وراوي الآخر أعدل وكان الخبر موافقا لهم قدّم الخبر المخالف على الموافق.
ومنها : ما أفاده شيخنا الأعظم «قده» من تقديم المرجّح الصّدوري على المرجح الجهتي والمضموني.
ومنها : ما ذهب إليه المصنف «قده» هنا وفي حاشية الرسائل من إنكار أصل الترتيب بين المرجحات وأنّها في عرض واحد ، لرجوع المرجّح المضموني والجهتي إلى ترجيح الصدور ، ومحصل ما أفاده لإثبات دعواه هو : أن الأخبار العلاجية ـ بعد سقوط أدلة حجية الخبر الواحد في كلا المتعارضين ـ تدلّ على اعتبار أحد المتعارضين تعيينا أو تخييرا