ولا إطلاق في أدلة التقليد (١)
______________________________________________________
(١) هذا بيان لقوله : «وعدم دليل على خلافه» وإشارة إلى ما استدلّ به على جواز تقليد المفضول من الوجوه التي لو تمّت لكانت حاكمة على أصالة عدم حجية فتوى المفضول ، والوجوه المشار إليها في المتن ثلاثة ، يكون مفاد الأوّلين منها عدم وجوب تقليد الأعلم بعنوان أوّلي ، ومفاد الثالث الاعتراف باقتضاء الأدلة الأوّلية لوجوب تقليد الأعلم ، لكن الدليل الثانوي يقتضي جواز تقليد المفضول. وسيأتي تقريب الكل «إن شاء الله تعالى».
أمّا الدليل الأوّل فهو : أنّ مقتضى إطلاق الأدلة اللفظية على جواز التقليد من الآيات والروايات هو حجية قول العالم مطلقا وإن كان مفضولا ، فيجوز تقليد غير الأعلم أيضا ، قال في الفصول : «والأصل مدفوع بعموم آيات المقام ورواياته ، فإنّ المستفاد منها عدم تعيين الأفضل ، فيتخيّر بين تقليده وتقليد المفضول».
وتقريب إطلاق الأدلة اللفظية هو : أنّ آيتي النفر والسؤال دلّتا على حجية إنذار الفقيه في الدين وقول العالم ، ولا ريب في إناطة الحجية بصدق عنواني الفقيه والعالم ، سواء أكان الفقهاء والعلماء متساوين في الفضيلة أم مختلفين فيها.
وكذا الروايات المتقدمة في الفصل السابق المتضمنة لحجية الفتوى عن علم ، وللإرجاع إلى الفقهاء ورواة الأحاديث بعنوان عام ، كقوله عليهالسلام : «وأمّا من كان من الفقهاء ... فللعوام أن يقلّدوه» و «فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنّهم حجتي عليكم» و «فاصمدا في دينكما على كل مسنّ في حبّنا وكثير القدم في أمرنا» ونحوها.
وتقريب دلالتها : أنّها وإن كانت ظاهرة في الحجية التعيينيّة لا التخييرية التي هي مورد البحث ، فهي تدل على أنّ قول كل واحد من الفقهاء ورواة الأحاديث حجة تعيينا لا تخييرا بينه وبين غيره من أقوال الفقهاء ، إذ الحجية التخييرية كالوجوب التخييري منوطة بمئونة زائدة ثبوتا وإثباتا ، لكنها تصرف عن ظاهرها في صورة تعارض الفتويين إلى إرادة الحجية التخييرية ، وذلك لشيوع الاختلاف في الفتوى كشيوع التفاوت في العلم والفضيلة ، لندرة توافق جمع من المجتهدين في الفتوى وفي الفضيلة. ومع هذه الغلبة لم يقيّدوا عليهمالسلام الرجوع إلى الفقيه بما إذا لم تكن فتواه مخالفة لفتوى غيره من الفقهاء ،