يعتدّ بها وإن انسدّ باب العلم بمعظم الفقه ، فإنّه يصدق عليه (١) حينئذ : أنّه ممّن روى حديثهم عليهمالسلام ونظر في حلالهم وحرامهم وعرف أحكامهم عرفا حقيقة (٢) (*).
وأمّا قوله (٣) عليهالسلام في المقبولة : «فإذا حكم بحكمنا»
______________________________________________________
(١) هذا الضمير وضمير «أنه» راجعان إلى المجتهد الّذي انسدّ عليه باب العلم والعلمي على الحكومة. وضمير «فانه» للشأن ، وإن أمكن رجوعه إلى المجتهد ، وقوله : «أنه ممن روى» فاعل «يصدق».
(٢) يعني : لا مسامحة ، إذ لو كان صدق «العارف بالأحكام» على هذا الانسدادي من باب مسامحتهم في مقام التطبيق لم يكن معتبرا قطعا ، فقوله : «حقيقة» إشارة إلى أنّ إطلاق «العارف بالأحكام» على هذا الانسدادي يكون من باب توسعة العرف في نفس المفهوم ، وعدم حصر مصداقه في من استنبط كل واحد واحد من الفروع.
(٣) هذا إشارة إلى الجهة الثانية من الإشكال على نفوذ حكم المجتهد الانسدادي بناء على الحكومة ، وحاصلها : أن قوله عليهالسلام في المقبولة : «عرف أحكامنا» وإن شمل هذا الانسدادي ، لكفاية معرفته بجملة وافية من الأحكام ويثبت له منصب القضاء ، إلّا أنّه يشكل ثبوت هذا المنصب له من جهة أخرى ، وهي قوله عليهالسلام بعد اعتبار معرفة الأحكام : «فإذا حكم بحكمنا ولم يقبل منه فانما بحكم الله استخف وعلينا ردّ» لظهور «بحكمنا» في كون حكم الحاكم من أحكامهم عليهمالسلام ، والإذعان بهذه الإضافة منوط بإحراز أنّ ما ينشئه الحاكم لفصل الخصومة بقوله : «حكمت بكذا وكذا» هو من أحكامهم عليهمالسلام ، فإن كان المقضيّ به من أحكامهم عليهمالسلام كان قضاء الحاكم نافذا ، وإلّا فلا عبرة به.
__________________
(*) أو يقال : إنّ ضيق المعرفة يضيّق دائرة الأحكام ، لاختصاصها بالعلم ، ومن المعلوم عدم حصول العلم بجميع الأحكام لأحد غير الإمام عليهالسلام. وقرينيّة ضيق المحمول على تضيق الموضوع عقلية ، وهي توجب إرادة خصوص الأحكام التي يمكن العلم بها ، وهي قليلة ، فمن علم جملة من الأحكام جاز له التصدي للقضاء ، ولا يعتبر في نفوذ قضائه العلم بجميع الأحكام ، فتأمل.