مع (١) ما في عدم بيان الإمام عليهالسلام للكلِّية
______________________________________________________
(١) لا يخفى أنّ المصنف «قده» بعد الفراغ عن أجوبة الوجوه الثلاثة المذكورة ـ التي استدلّ بها على التعدّي عن المرجِّحات المنصوصة ـ أورد إشكالات ثلاثة عامّة على التعدّي ، وجعل كل واحد منها في الحاشية (١) قرينة على الاقتصار على المرجِّحات المنصوصة.
أوّلها : ظهور عدم تعرُّض الإمام عليهالسلام لضابط كلّي للتعدّي ـ كأن يقول : «خذ بكل مزيّة توجب الأقربيّة إلى الواقع» مع تكرُّر السؤال عن حكم الخبرين المتعارضين ، وعدم تعرُّضه عليهالسلام إلّا للمزايا الخاصة ، مع وضوح كثرة الابتلاء بالأخبار المتعارضة ـ في انحصار الترجيح بالمرجحات المنصوصة ، وعدم جواز التعدّي إلى غيرها من المزايا. ولو كان المناط الترجيح بكل مزيّة كان المناسب بيان هذه الكبرى الكلّيّة من أوّل الأمر حتى لا يحتاج السائل إلى تكرير السؤال ، مع أنّه عليهالسلام قدّم أحد الخبرين بصفات الرّاوي ، وبعد تكافئهما قدّمه بالشهرة ، وبعد قول السائل : «إنهما مشهوران» قدّم ما وافق الكتاب
__________________
انطباقه على المقام ، لما عرفت من دلالة «فيه الرشاد» على كلية الكبرى وكونها ارتكازيا ، ولا يعتبر في إفادة التعليل إلّا ظهور العبارة عرفا فيه ، ولا يلزم تصدير الكلام بلام التعليل ونحوه من الأداة. ولعل تعبير الكليني «قده» استظهاره من المقبولة ، لا لظفره على رواية بهذا اللفظ.
وأما ما أفاده المحقق النائيني «قده» في منع كلية الكبرى من الاشتراك في كثير من الأحكام فهو غير قادح في كليتها ، لأنّ مفروض الكلام جعل مخالفة العامة مرجِّحة لا مميِّزة للحجة عن غيرها ، ولا ريب في أن الرشد في خلافهم في خصوص باب التعارض ، وإلّا فلا يفرض الموافق والمخالف لهم.
وعليه فغرض الشيخ «قده» هو أنّه في صورة موافقة أحد الخبرين للعامة يكون الخبر المخالف لهم أقرب إلى الواقع ، لا أن المخالف لهم يكون قطعي الصدور ، فمعنى كون الرشد في خلافهم أن الرشد الّذي يكون في الخبر المخالف مفقود في الخبر الموافق ، لاحتمال صدوره تقية ، وهذا الاحتمال مفقود في الخبر المخالف ، فيكون أقرب منه إلى الواقع. وعلى هذا تستقيم دعوى كلية العلة وجواز التعدي. والإشكال المتجه على كلام الشيخ هو ما أفاده الماتن.
__________________
(١) حاشية الرسائل ، ص ٢٧٣.