للزوم (١) الطفرة. وبساطة الملكة (٢)
______________________________________________________
أن حصول ملكة مطلقة دفعة بإفاضة ربّانية بمكان من الإمكان ، فإنّ الفضل بيده تعالى يؤتيه من يشاء.
وأمّا العقد الإثباتي فلأنّ محطّ الكلام هو الملكات الاكتسابية الحاصلة بإتقان العلوم النظرية ـ التي لها دخل في القدرة على الاستنباط ـ فلا محالة تتوقف الملكة المطلقة على حصولها متجزّئة أوّلا ، ثم تتقوّى وتشتد وتزداد تدريجا إلى أن يتمكّن صاحبها من استنباط جميع الأحكام أو جلّها.
(١) تعليل لقوله : «يستحيل» والطفرة قد تكون محالا عقليا وقد تكون محالا عاديا ولا منافاة حينئذ بين دعوى الاستحالة العاديّة وتعليلها بالطفرة.
ثم إنّ ظاهر المتن فرض لزوم الطفرة المحال بناء على كون التفاوت بين الملكة المطلقة مع الملكة المتجزية بالشدة والضعف كالسواد الشديد مع السواد الضعيف ، فالملكة من مقولة الكيف وهي أمر بسيط ذو شدة وضعف. ولكن الظاهر جريان محذور الطفرة حتى بناء على كون تفاوت الملكة المطلقة مع المتجزّية بالزيادة والنقصان ، كما اختاره المحقق الأصفهاني «قده» ، فإنّ الزيادة أيضا تكون بالتدريج ، وإلّا لزم الطفرة عند عدم سبق الزائد بالناقص (*).
(٢) تعرّض المصنف بعد إثبات إمكان التجزّي لوجهين من الوجوه التي استدل بها
__________________
(*) قال «قده» : «وأمّا أنهما متفاوتتان بالزيادة والنقصان فلأنّ معرفة كل علم من العلوم النظرية توجب قدرة على استنباط طائفة من الأحكام المناسبة لتلك المبادئ ـ كالأحكام المتوقفة على المبادئ العقلية أو المتوقفة على المبادئ اللفظية ـ فالقدرة الحاصلة على استنباط طائفة غير القدرة الحاصلة على استنباط طائفة أخرى. لا أن معرفة بعض المبادئ توجب اشتداد القدرة الحاصلة بسبب مباد أخر. والأقوائية كما تكون بالشدة والضعف كذلك بالزيادة والنقص ، فإنّ التشكيك غير الاشتداد. وما يختص بالشدة والضعف هو الاشتداد الّذي هو الحركة من حدّ إلى حدّ.
وعليه فليس التجزّي منافيا لبساطة الملكة ، بتوهم : أن البسيط لا يتجزّأ ولا يتبعض. فان كل قدرة بسيطة ، وزيادتها توجب تعدد البسيط لا تبعض البسيط» (١) فراجع كلامه متدبرا فيه
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٩٥