أيضا (١) كونه استمراريا. وتوهم (٢) «أن التحير كان محكوما بالتخيير ، ولا تحيُّر له بعد الاختيار (٣) ، فلا يكون الإطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار ، لاختلاف (٤) الموضوع فيهما (٥)» فاسد (٦) ، فإنّ التحيُّر بمعنى
______________________________________________________
(١) يعني : كما أن التخيير مقتضى الاستصحاب. و «كونه» خبر «قضية» وضميره راجع إلى «التخيير» ، وبالجملة : فمقتضى الاستصحاب بل الإطلاقات كون التخيير استمراريا.
(٢) هذا إشارة إلى المناقشة في كل من الإطلاقات والاستصحاب ، والمناقش هو الشيخ الأعظم «قده» قال : «ولو حكم على طبق إحدى الأمارتين في واقعة فهل له الحكم على طبق الأخرى في واقعة أخرى؟ المحكيّ عن العلامة رحمهالله وغيره الجواز ، بل حكي نسبته إلى المحققين» إلى أن قال : «أقول : يشكل الجواز ، لعدم الدليل عليه ، لأنّ دليل التخيير إن كان الأخبار الدالة عليه ، فالظاهر أنّها مسوقة لبيان وظيفة المتحيِّر في ابتداء الأمر ، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى حال المتحيِّر بعد الالتزام بأحدهما ... والأصل عدم حجية الآخر بعد الالتزام بأحدهما كما تقرر في دليل عدم جواز العدول عن فتوى مجتهد إلى مثله».
ومحصل إشكال الشيخ يرجع إلى اختلاف الموضوع قبل الأخذ وبعده ، توضيحه : أنّ موضوع التخيير هو المتحيِّر الّذي يرتفع بالأخذ بأحد الخبرين ، ومن المعلوم إناطة الحكم مطلقا ـ تكليفيا كان أم وضعيا ـ بالموضوع إناطة المعلول بالعلة ، فمع انتفاء الموضوع ـ وهو التحيُّر ـ بسبب الأخذ بأحد الخبرين لا يبقى إطلاق ولا استصحاب حتى يصح الاستدلال بأحدهما على استمرار التخيير ، فلا دليل حينئذ على حجية الخبر الآخر مع كون الأصل عدم حجية مشكوك الحجية.
(٣) يعني : فلا يبقى موضوع للإطلاق والاستصحاب بعد اختيار أحد الخبرين.
(٤) تعليل لعدم اقتضاء الإطلاق والاستصحاب للاستمرار ، وقد مرّ آنفا توضيح التعليل بقولنا : «ومحصل إشكال الشيخ يرجع إلى اختلاف الموضوع قبل الأخذ وبعده ...».
(٥) أي : في الإطلاق والاستصحاب.
(٦) خبر «وتوهم» ودفع له ، وحاصله : بقاء موضوع التخيير حتى بعد الأخذ بأحد