الأصول ، أو برهن عليها مقدّمة في نفس المسألة الفرعية ، كما هو طريقة الأخباري (١). وتدوين (٢) تلك القواعد المحتاج إليها على حدة (٣) لا يوجب كونها بدعة (٤) ،
______________________________________________________
(١) فإنّهم حذرا من تصنيف كتاب مستقل في علم الأصول تعرّضوا بإيجاز لجملة من مباحث هذا العلم في مقدمة كتبهم الفقهية ، كصاحب الحدائق حيث أودع عدّة من مسائل العلم في مقدمة الحدائق. ولو كان المقصود من عدم تأليف كتاب في علم أنّ تأليفه يحسب بدعة عندهم فيرد عليهم : أنّه لم يفرّق في صدق البدعة إيداع مطالبه في كتاب مستقل أو في مقدمة كتاب فقهي.
(٢) مبتدأ خبره «لا يوجب» وهذا إشارة إلى أوّل الشكوك الواهية التي أبداها بعض المحدثين ، وحاصله : أنّ تدوين كتاب في علم الأصول بدعة ، لأنّ علم الأصول قد حدث تدوينه بعد عصر الأئمّة عليهمالسلام ، ونقطع بأنّ قدماءنا وحاملي أخبارنا لم يكونوا عالمين بها ، وقد كانوا يتديّنون بدين أئمتهم عليهمالسلام ، ويعملون بأخبارهم ، ومع ذلك قرّرهم أئمتهم على ذلك ، فاستمرّ ذلك إلى زمان ابن أبي عقيل وابن أبي جنيد ، ثم حدث بينهم علم الأصول. فهو بدعة وضلالة.
ويكفي في رد هذه الدعوى ما أشار إليه في المتن ، من أن عدم تدوين علم الأصول في عصر الحضور وتدوينه بعده ليس بدعة ، وإلّا لكان تدوين كثير من العلوم كالتفسير والتجويد والنحو والصرف وغير ذلك بدعة ، فهل يرضى المحدّث أن يتخيّل أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه» لمّا أمر أبا الأسود الدؤلي بتدوين علم النحو وتأسيسه أمره بتأسيس بدعة؟ ولم يكن شيء من قواعده ثابتة؟ فان الالتزام بذلك في غاية البشاعة ، إذ من المسلّم وجود قواعد النحو قبل أمره صلوات الله عليه» إيّاه بتدوين النحو ، غاية الأمر أنها لم تكن مدوّنة قبله.
(٣) قيد لقوله : «وتدوين تلك القواعد» أي : تدوين تلك القواعد على حدة ، لا في مقدمة كتاب فقهي.
(٤) كما زعمها أصحابنا المحدثون.