.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
موافق للعامة وآخر مخالف لهم حتى يقدّم المخالف عند التعارض ، بل أمر عليهالسلام ـ بنحو الضابطة الكلية ـ بحمل ما يسمعه من الإمام عليهالسلام عند شباهته بآراء العامة على التقية ، وعدم صدوره بداعي بيان الحكم الواقعي.
ومن المعلوم أن مفاد هذين الخبرين ونحوهما أجنبي عن باب ترجيح أحد الحديثين على الآخر ، بحيث كان كل منهما حجة لو لا المعارضة حتى إذا كان موافقا للعامة. ولا بد أن يراد بالأمر بمخالفة فتوى فقيه البلد ، أو حمل ما يشبه قول العامة على التقية إمّا فرض تفرُّد العامة بشيء واتّخاذهم له طريقا وشعارا لهم بحيث يعرفون به ، وكان ما عند الخاصة غيره ـ كما اختاره المحقق الأصفهانيّ «قده» (١) ـ وفي مثله لا ريب في عدم حجية الخبر الموافق لهم. وإمّا فرض احتفاف الخبر بقرائن التقية بحيث يستفاد من نفس الخبر أنه صدر تقية كما استفادة المحقق النائيني «قده» (٢). وإن كان الأوّل أولى ، إذ ربما تختفي القرائن مع كون مضمون الخبر مطابقا لما تفرّدت العامة به.
ثانيتهما : ما ورد في علاج المتعارضين من تقديم ما خالف العامة على ما وافقهم ، كما تقدّم في مصحّح عبد الرحمن : «فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه» وكذا في خبر الحسن بن الجهم عن العبد الصالح «عليهالسلام» المتقدم في (ص ١٤٠) ، وفي غيرهما من الأخبار. ومورد الترجيح بهذه الأخبار هو أن يكون هناك خبران متكافئان في أصل ملاك الحجية صدورا وظهورا وجهة ، غير أنّ أحدهما موافق للعامة والآخر مخالف لهم ، فتكون كثرة الأحكام المشتركة بيننا وبينهم موجبة لاحتمال صدور كل من الخبر الموافق والمخالف بداعي بيان الحكم الواقعي وجريان أصالة الجد في كل منهما ، فينحصر المانع عن الحجية الفعلية في التعارض ، وقد حكم عليهالسلام بترجيح الخبر المخالف ، وأنّ الموافق منهما مشتمل على ما يوجب ضعف الملاك ، والمخالف مشتمل على ما يوجب قُوّته ، فيرجح.
وقد تحصل من هذا البحث الطويل الذيل : أنّ المرجِّح هو موافقة الكتاب ومخالفة العامة كما هو مقتضى كثير من أخبار الباب ، فالمرجحات المنصوصة منحصرة بهذين المرجحين مع الترتيب بينهما بتقديم موافقة الكتاب والسنة على مخالفة العامة ، بمعنى وجوب العرض أوّلا على الكتاب والسنة ، ومع عدم وجدان الحكم فيهما يرجع إلى الترجيح بمخالفة العامة كما هو ظاهر مصحح عبد الرحمن.
ويتعين تقييد إطلاقات التخيير بهما ، ولا محذور في هذا التقييد ، إذ لا يلزم حمل تلك المطلقات
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٦٨
(٢) فوائد الأصول ، ٤ ـ ٢٩١