.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الأول : إخراج الواقعة من المخالفة والمخاصمة المفتقرة إلى القضاء بحملها على السؤال عن حكم المسائل الخلافية المتعلقة بالأموال ، فيكون الحديث دليلا على تشريع القضاء في الشبهات الحكمية ، لا على ترجيح أحد الحكمين في واقعة جزئية على الآخر.
الثاني : تخصيص المأمور بالمرجحات بالمجتهد ، ولا بعد فيه في ذلك العصر. وترجيح الفتوى عند الاختلاف وإن كان بالأعلمية لا بسائر الصفات ، لكنه لا يقدح في الاستدلال بالرواية ، إذ الرواية والفتوى والحكومة كانت في العصر السابق متحدة المناط ، لأن رواة ذلك العصر كانت روايتهم فتواهم وبالعكس. وكذا الحكومة ، ولذلك تكون سائر المرجحات دخيلة في الفتوى أيضا.
وأما إشكال تعدد الحاكم المدلول عليه بقوله : «فرضيا أن يكونا الناظرين ..» فلا بد من تأويله ، ولا يبعد أن يكون المراد «فرضيا أن يكون أحدهما ناظرا في أمرهما فاتفق تعارض حكمهما أي فتواهما» (١).
وقريب منه ما أفاده المحقق الميرزا الآشتياني في الشرح وفي كتاب القضاء ، (٢) ، والمصنف في أحد وجهيه في الحاشية.
لكن يشكل حمل صدر المقبولة على كون رجوع المترافعين لمجرد الاستفتاء واستعلام الحكم الشرعي الكلي ، فإنّ عوامّ الشيعة في عصر الحضور وإن كان لهم الرجوع إلى الأئمة عليهمالسلام لتحصيل العلم بالأحكام وإلى الرّواة الثقات ، كما أرجعوا عليهمالسلام جماعة إلى أجلة صحابتهم كزرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وزكريا بن آدم ويونس وغيرهم. وهذه الإرجاعات تكون تارة بلسان أخذ الرواية ، وأخرى بلسان أخذ معالم الأحكام منهم ، سواء أكان بنقل ألفاظ الرواية أم ببيان مضمونها أو تطبيق أصل من الأُصول المتلقّاة منهم على المورد. إلّا أن الكلام في إباء صدر المقبولة عن هذا الحمل ، لظهور كلمة «الحكومة» ـ المتكررة فيها ـ في الحكومة المصطلحة وفصل النزاع لا مجرد الاستفتاء. مضافا إلى قرائن أُخرى.
منها : قول السائل : «بينهما منازعة في دين أو ميراث» فإن المنازعة ظاهرة أوّلا في كون الرجوع إلى القاضي والسلطان لحسم مادة التشاجر ، لأن حكمه فاصل للنزاع نافذ عليهما ، بحيث لا ينقطع النزاع بمجرد السؤال عن الحكم الكلّي ، لاحتمال بقاء المرافعة معه من جهة مخالفة أحد المتخاصمين لرأي الحاكم اجتهادا أو تقليدا.
__________________
(١) بدائع الأفكار ، ص ٤٣٥
(٢) بحر الفوائد ، ٤ ـ ٤٤ ، كتاب القضاء ، ص ٢٤٧٨