.................................................................................................
______________________________________________________
الأول : موارد حكومة أحد الدليلين على الآخر ، نظير ما دلّ على حكم الشكوك في الركعات مثل قوله عليهالسلام : «إذا شككت فابن علي الأكثر» وما دلّ على نفي الشك عمّن كثر شكّه ، كقوله عليهالسلام : «لا شك لكثير الشك» فإنّ مدلولي هذين الدليلين متنافيان ، بمقتضى تقابل الموجبة الكلية مع السالبة الجزئية ، فالخطاب الأوّل المثبِت للحكم يشمل كثير الشك وغيره ، والخطاب الثاني النافي للحكم مخصوص بكثير الشك ، فيتصادم المدلولان ـ في كثير الشك ـ بالنفي والإثبات. ومقتضى تعريف المشهور إجراء أحكام التعارض عليهما ، لأنهما دليلان متنافيان بحسب المدلول ، مع أنه لا ريب ـ عند الجميع ـ في عدم عدِّ هذين الدليلين من المتعارضين. والوجه في عدم تعارضهما عدم تنافيهما في مقام الدلالة والحجية ، فإنّ الدليل الحاكم شارح ومبيِّن للمراد الجدّي من الدليل المحكوم كما سيأتي توضيحه في (ص ٢٨) وعليه فلا محذور في شمول دليل حجية خبر الثقة لكلا الخبرين المتقدمين. وينحصر التخلص عن هذا النقض ـ الوارد على تعريف المشهور للتعارض ـ في العدول إلى تعريف المتن.
الثاني : موارد الجمع الدلالي ، كما إذا ورد «أكرم الأمراء ولا تكرم زيدا الأمير» لتمانع المدلولين في «زيد الأمير» بالنفي والإثبات ، لاقتضاء الأمر بإكرام الأمراء على نحو العام الاستغراقي مطلوبية إكرامه ، واقتضاء النهي مبغوضيته ، فيندرجان في باب التعارض بناء على تعريف المشهور له ، ويخرجان عنه بناء على تعريف المصنف للتعارض ، وذلك لعدم تنافيهما دلالة ، لكون الثاني ـ لأخصيته ـ مخصّصا وقرينة على عدم إرادة «زيد» من العام.
والحاصل : أن تعريف المشهور ينتقض بموارد الحكومات والتوفيقات العرفية لتحقق التنافي بين المدلولين أو المداليل مع عدم إجراء أحكام التعارض ـ من التخيير والترجيح ـ على هذه الموارد قطعا ، فيتعين تعريف التعارض بالتنافي في مرحلة الدلالة والإثبات كي لا يرد النقض المزبور.
هذا ما يتعلق بتوضيح ما أفاده المصنف من تعريف التعارض ، ووجه عدوله عن تعريف المشهور. وأما تعريف شيخنا الأعظم «قده» للتعارض فهو إما ملحق بتعريف المشهور ، وإما متحد مع تعريف الماتن ، كما سيأتي بيانه في التعليقة إن شاء الله تعالى.