وارثه؟
روى البخاري عن عائشة : انّ فاطمة عليهاالسلام بنت النبي أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللّه ممّا أفاء اللّه عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبوبكر : « إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا نورث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال » ، وإنّي واللّه لا اُغيّر شيئاً من صدقة رسول اللّه عن حالها التي كان عليها في عهد رسول اللّه ، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول اللّه » فأبى أبوبكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر ، فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلا ، فلم يؤذِن بها أبابكر ، وصلّى عليها (١).
وقال ابن قتيبة : قال عمر لأبي بكر ـ رضى اللّه عنهما ـ : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها فانطلقاجميعاً فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوَّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها فلم ترد السلام ، فتكلّم أبوبكر وقال : يا حبيبة رسول اللّه ، واللّه إنّ قرابة رسول اللّه أحبّ اليّ من قرابتي ، وانّك لأحبّ اليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أنّي متّ ولا ابقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنَعْك حقّك وميراثك من رسول ، إلاّ أنّي سمعت أباك رسول اللّه يقول : « لا نورث ما تركنا فهو صدقة » (٢).
يلاحظ عليه أوّلا : أنّ الرسول الأعظم وكذا كل من يتولّى الحكومة الإسلامية تكون له ملكيتين : ملكية شخصية تتعلّق بنفسه ويتصرّف فيها بما أنّها ماله الشخصي ، وملكية تتعلّق بمقام الرسالة ويتصرّف فيها بما أنّه رسول وممثّل
__________________
١ ـ صحيح البخاري ٥ باب غزوة خيبر ١٣٩.
٢ ـ الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ / ١٣.