فما يدّعيه هؤلاء أنّ هذه الكتب دعايات
لا واقعيات ناش عن عدم عرفانهم لحقيقة التقية عند الشيعة.
والحاصل
: انّ الشيعة انّما كانت تتّقي في عصر لم
تكن لهم دولة تحميهم ، ولا قدرة ومنعة تدفع عنهم ، وأمّا هذه الأعصار فلا مسوّغ
ولا مبرّر للتقية إلاّ في موارد خاصة.
إنّ الشيعة منذ أن تعرضوا للضغط ، عاشت
عندهم التقية على مستوى الفتاوى ، ولم تعش على المستوى العملى ، بل كانوا عملياً من
أكثر الناس تضحية ، وبوسع كل باحث أن يرجع إلى مواقف الشيعة مع معاوية وغيره من
الحكام الامويين ، والحكام العباسيين ، كحجر بن عدي ، وميثم التمّار ، ورشيد
الهجري ، وكميل بن زياد ، ومئات من غيرهم ، وكمواقف العلويين على امتداد التاريخ
وثوراتهم المتتالية .
إنّ القول بالتقية ليس شيئاً مختصّاً
بالشيعة ، بل يقول به المسلمون جميعاً هذا أبو الهذيل العلاف رئيس المعتزلة يقول :
إنّ المكره إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما اُكره عليه فله أن يكذب ويكون وزر
الكذب موضوعاً عنه .
بل يقول به كل مسلم واع ، وكل كاتب قدير
وناطق مصقع ، يعيش في بلاد يسود عليه الاستبداد وسلب الحريات الاجتماعية والسياسية
بمختلف اشكاله وصوره.
الثامن
: لم يزل أهل السنّة يصفون المسانيد
والسنن بالصحاح وربّما يغالون في حق بعض الصحاح كالبخاري بأنّه أصحّ الكتب بعد
كتاب اللّه. أو ليس هذا مغالاة
__________________