وقال عماد الدين الحنبلي : كان فقيهاً إماماً متعبّداً (١).
وقال المفيد : تقلّد الإمامة بعد أبي جعفر ابنه أبو الحسن علي بن محمّد ، وقد اجتمعت فيه خصال الإمامة وثبت النص عليه بالامامة ، والاشارة إليه من أبيه بالخلافة (٢).
وقدتضافرت النصوص على إمامته عن طرقنا ، فمن اراد فليرجع إلى الكافي واثبات الهداة وغيرهما من الكتب المعدّة لذلك (٣).
وقد مارس المتوكّل نفس الاسلوب الخبيث الذي رسمه المأمون ثم أخوه المعتصم من إشخاص أئمّة أهل البيت من موطنهم وإجبارهم على الاقامة في مقرّ الخلافة وجعل العيون والحرّاس عليهم حتّى يطلعوا على دقيق حياتهم وجليلها ، وكان المتوكّل من أخبث الخلفاء العباسيين وأشدّهم عداءً لعليّ فبلغه مقام علي الهادي بالمدينة ومكانته هناك ، وميل الناس إليه ، فخاف منه ، فدعى يحيى بن هرثمة ، وقال : إذهب إلى المدينة ، وانظر في حاله وأشخصه إلينا.
قال يحيى : فذهبت إلى المدينة. فلمّا دخلتها ضجَّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله ، خوفاً على علي الهادي ، وقامت الدنيا على ساق ، لأنّه كان مُحْسِنا اليهم ، ملازماً للمسجد لم يكن عنده ميل إلى الدنيا. قال يحيى : فجعلت اُسكِّنهم وأحْلِف لهم أنّي لم اُؤمر فيه بمكروه ، وانّه لا بأس عليه ، ثمّ فتّشت منزله فلم أجد فيه إلاّ مصاحف وأدعية وكتب العلم ، فعظم في عيني وتولّيت خدمته بنفسي وأحسنت عشرته ، فلمّا قدمت به بغداد ، بدأت بإسحاق بن
__________________
١ ـ شذرات الذهب ٢ / ١٢٨ في حوادث سنة ٢٥٤.
٢ ـ الارشاد ٣٢٧.
٣ ـ الكليني ، الكافي ١ / ٣٢٣ ـ ٣٢٥ ، الشيخ الحر العاملي : اثبات الهداة ٣ / ٣٥٥ ـ ٣٥٨.