عهده والإمام القائم من بعده (١).
إنّ الكلام في خلقه ، وحلمه ، وكظمه الغيظ ، وفي مناقبه وفضائله ، وفي تواضعه ومكارم أخلاقه ، وكرمه وسخائه ، وشدّة خوفه من اللّه سبحانه ، وكثرة صدقاته ، وأخباره مع الرشيد وأخيراً في القاء القبض عليه من قبله ، وحبسه في ظُلم السجون قرابة سبع سنين واستشهاده ، يحتاج إلى تأليف مفرد قام به المحققون ونحن نترك البحث في جميع ذلك ونشير إلى بعض الجوانب خصوصاً في ما يتعلق بعلمه والذين تخرّجوا على يده من الشيعة والسنّة حتّى يقف القارئ على انّه إمام الكل.
١ ـ روى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده قال : حجّ هارون الرشيد فأتى قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زائراً وحوله قريش ومعه موسى بن جعفر ولمّا انتهى إلى القبر قال : السلام عليك يا رسول اللّه يابن عمّي ـ افتخاراً على من حوله ـ ، فدنى موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبة ، فتغيّر وجه الرشيد وقال : هذا الفخريا أبا الحسن حقّاً (٢).
٢ ـ ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار أنّ هارون كان يقول لموسى بن جعفر : خذ فدكاً ـ وهو يمتنع عليه ـ ، فلمّا ألحّ عليه قال : ما آخذها إلاّ بحدودها قال : وما حدودها؟ قال : الحد الأوّل عدن ـ فتغيّر وجه الرشيد ـ قال : والحد الثاني؟ قال : بسمرقند ـ فأربد وجهه ـ قال : والحد الثالث؟ قال : أفريقيا قال : والحد الرابع؟ قال : سيف البحر ممّا يلي الخزر وأرمينيا فقال هارون : فلم يبق لنا شيء فتحوّل من
__________________
١ ـ لاحظ للوقوف على تلك النصوص الكافي ١ / ٣٠٧ ـ ٣١١ ، إثبات الهداة ٣ / ١٥٦ ـ ١٧٠ فقد نقل في الأخير ٦٠ نصّاً على إمامته.
٢ ـ وفيات الأعيان ٥ / ٣٠٩.