ما أُنذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ )(١) ، فأخذ بالدعوة سرّاً ونشر دينه خفاءً سنوات عديدة إلى أن نزل قوله سبحانه : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (٢) فعند ذلك أمر الرسول علي بن أبي طالب وهوشاب يافع يتراوح عمره بين ( ١٣ سنة إلى ١٥ ) أمره رسول اللّه أن يعد طعاماً ولبناً ثمّ دعا (٤٥) رجلاً من سُراة بني هاشم ووجوههم ، وبعد أن فرغوا من الطعام قال رسول اللّه : « إنّ الرائد لا يكذب أهله ، واللّه الذي لا إله إلا هوإنّي رسول اللّه إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة ، واللّه لتموتنّ كما تنامون ، ولتبعثنّ كما تستيقظون ، ولتحاسبنّ بما تعملون ، وانّها الجنّة أبداً والنار أبداً ـ ثمّ قال : ـ يا بني عبدالمطلب إنّي واللّه ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، انّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني اللّه عزّوجلّ أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ».
ولمّا بلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذا الموضع وقد أمسك القوم وسكتوا عن آخرهم ، قام علي عليهالسلام فجأة وقال : أنا يا رسول اللّه أكون وزيرك على ما بعثك اللّه ، فقال له رسول اللّه : اجلس ، ثمّ كرّر دعوته ثانية وثالثة ، ففي كلّ مرّة يحجم القوم عن تلبية دعوته ويقوم علي ويعلن استعداده لمؤازرة النبي ويأمره رسول اللّه بالجلوس حتى إذا كان في المرّة الثالثة ، أخذ رسول اللّه بيده والتفت إلى الحاضرين من عشيرته الأقربين وقال : « إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا » (٣).
__________________
١ ـ يس / ٦.
٢ ـ الشعراء / ٢١٤.
٣ ـ مسند أحمد ١ / ١١١ ، تارخ الطبري ٢ / ٦٢ ـ ٦٣ ، تاريخ الكامل ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ، إلى غير ذلك من المصادر المتوفّرة يقف عليها من سبر كتب السيرة ـ عند سرد حوادث بدء الدعوة ـ وكتب التفسير في تفسير الآية الآنفة في سورة الشعراء.