قد عرفت أنّ مقتضيات الظروف ومتطلّباتها كانت تستدعي تعيين الإمام من جانب الرسول ، كما أنّ كمال الدين في أبعاده الثلاثة المختلفة المذكورة آنفاً تستدعي ذلك أيضاً ، فهلمّ معي ندخل في الموضوع الثاني الذي ألمحنا إليه في بداية البحث ضمن الاُمور الّتي لا مناص للمحقّق إلاّ دراستها ، وهو تبيين المرتكز في الأذهان في أمر الزعامة يوم بعث الرسول وبعده.
إنّ النصوص التاريخية تشهد بأنّ الرسول الأكرم خيّب آمال الطامحين في تولّي الخلافة من بعده وقال بأنّه بيد اللّه ، يعني لابيدي ولا بيد الناس ، ويكفي في ذلك ما نتلوه :
١ ـ لمّا عرض الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه على بني عامر في موسم الحج ودعاهم إلى الإسلام قال له كبيرهم : « أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثمّ أظهرك اللّه على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ » فقال النبي : « الأمر إلى اللّه يضعه حيث يشاء » (١).
__________________
١ ـ السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٤٢٤ فلو كان الأمر ملقىً على عاتق الاُمّة فما معنى كون الأمر إلى اللّه؟