( وَإِنَّهُ فِى اُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلىٌّ حَكِيمٌ ) (١) وقال سبحانه : ( مَا أَصَابَ مِن مُصِيبَة فِى الاَرْضِ وَلا فِى أَنفُسِكُمْ إلاّ فِى كِتاب مِن قَبْلِ أن نَبْرَأَهَا إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ ) (٢) فاللوح المحفوظ واُمّ الكتاب وذلك الكتاب الذي كتب فيه ما يصيب الإنسان من مصائب ممّا لا يتطرق إليها المحو والاثبات قدر شعرة ، ولأجل ذلك لو أمكن الإنسان أن يتّصل به ، لوقف على الحوادث على ما هي عليه بلا خطأ ولا تخلّف.
وأمّا الثاني : فهو لوح المحو والاثبات الذي أشار إليه سبحانه ، بقوله ( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ ) (٣) فالأحكام الثابتة فيه ، أحكام معلّقة على وجود شرطها أو عدم مانعها ، فالتغيّر فيها لأجل اعواز شرطها أو تحقّق مانعها وربّما يكتب فيه الموت نظراً إلى مقتضياته ، ولكنّه ربّما يمحى ويكتب فيه الصّحة لفقدان شرط التقدير الأول أو طرؤ مانع من تأثير المقتضي.
فالتقدير الأوّل يفرض لأجل قياس الحادث إلى مقتضيه ، كما أنّ التقدير الثاني يتصوّر بالنسبة إلى جميع أجزاء علّته ، فإنّ الشيء إذا قيس إلى مقتضيه ( الذي يحتاج الصدور منه إلى وجود شرائط وعدم موانع ) يمكن تقدير وجوده ، ولكنّه بالنظر إلى مجموع أجزاء علّته التي منها الشرائط وعدم الموانع ، يقدر عدمه لفرض عدم وجود شرائطه ، وتحقّق موانعه.
إذا علمت ذلك ، فاعلم أنّه ربّما يتصل النبي أو الولي بلوح المحو والاثبات ، فيقف على المقتضى من دون أن يقف على شرطه أو مانعه ، فيخبر عن وقوع شيء
__________________
١ ـ الزخرف / ٤.
٢ ـ الحديد / ٢٢.
٣ ـ الرعد / ٣٩.