والتشريد والسفك والحبس في عهدهم نفس ما كان في عهد الامويين بل أسوأ بكثير. قال الشاعر :
واللّه ما فعلت
اُميّة فيهم |
|
معشار ما فعلت بنو
العباس |
١ ـ وأوّل من تولّى منهم أبو العباس السفّاح بويع سنة ( ١٣٢ ) ومات سنة ( ١٣٦ ) ، قضى وقته في تتبّع الامويّين والقضاء عليهم ، وهو وإن لم يتعرّض للعلوّيين ، لكنّه تنكّر لهم وشيعتهم ويوعز إلى الشعراء أن يتعرّضوا لأولاد علي ويمحوا عنهم حقّ الخلافة. هذا محمّد أحمد براق يقول في كتابه « أبو العباس السفاح » : « إنّ أصل الدعوة كان لآل علي ، لأنّ أهل خراسان كان هواهم في آل علي لا آل العباس ، لذلك كان السفّاح ، ومن جاء بعده مفتّحة عيونهم لأهل خراسان حتّى لا يتفشّى فيهم التشيّع لآل علي : ... وكانوا يستجلبون الشعراء ليمدحوهم ، فيقدّمون لهم الجوائز ، وكان الشعراء يعرضون بأبناء علي وينفون عنهم حقّ الخلافة ، لأنّهم ينتسبون إلى النبىّ عن طريق ابنته فاطمة ، أمّا بنو العباس فإنّهم أبناء عمومة » (١).
٢ ـ ثمّ جاء بعده أبو جعفر المنصور ، وقد شيّد مجد الاُسرة العباسيّة ، وكانت خلافته مزيجاً من الخير والشرّ وصار في اُخريات أيّامه شرّاً كلّه ، ويكفي للإلمام بجرائمه وقسوته ما كتبه ابن عبد ربّه في العقد الفريد قال : إنّ المنصور كان يجلس ويجلس إلى جانبه واعظاً ، ثمّ تأتي الجلاوزة في أيديهم السيوف يضربون أعناق الناس ، فإذا جرت الدماء حتّى تصل إلى ثيابه ، يلتفت إلى الواعظ ويقول : عظني! فإذا ذكّره الواعظ باللّه ، أطرق المنصور كالمنكسر ، ثمّ يعود الجلاوزة إلى ضرب الأعناق ، فإذا ما أصابت الدماء ثياب المنصور ثانياً ، قال لواعظه :
____________
١ ـ أبو العباس السفاح ٤٨ ، كما في الشيعة والحاكمون ١٣٩.