دلّت نصوص الخلافة الماضية ، بوضوح على أنّ الامام علياً كان هو الخليفة الشرعي والقائم بالأمر بعد الرسول وانّه كان من واجب المسلمين الرجوع إليه فيما يمت إلى حياتهم السياسية والاجتماعية والدينية ، غير أنّ رجالاً بعد النبيّ تناسوا النصّ بعد تلبية النبيّ نداء ربّه ، وانثالوا على أبي بكر ، وبعده على عمر وعثمان ، إلى أن عاد الحق إلى نصابه ، ودار الأمر على مداره. وهناك سؤال يطرحه كل من يؤمن بتواتر النصوص ووضوح دلالتها ، لما يشاهد المعارضة بينها وبين الأمر الواقع في السقيفة وما بعدها ، وانثيال كثير من المهاجرين والأنصار إلى غير علي ، فيقع في الحيرة والتعجّب ، فيقول : لو كانت النصوص النبويّة على هذا المستوى ، فلماذا أعرض عنها المسلمون؟ ولماذا لم يطلب الامام حقّه الشرعي؟ ولماذا رضي بالأمر الواقع ، ولم ينبس فيه ببنت شفة؟ وهذا هو الذي نجيب عنه في المقام ، فنقول :
إنّ المهم هو بيان السرّ الذي دفع الامام إلى ترك المطالبة بحقّه بالقدرة والعنف ، وأمّا إعراض المهاجرين والأنصار ، أو في الحقيقة ـ إعراض الرؤوس منهم عن النص ، وانثيال غيرهم إليهم ، فليس هذا أمراً عجبا ، فقد أعرضوا عن كثير من النصوص ، واجتهدوا تجاهها كما تقدّم البحث عن موارده ـ. وإليك تشريح ما هم المهم :