الخارجي والداخلي ، وذلك بتعيين قائد سياسي من بعده ، وبذلك يسد الطريق على نفوذ العدو في جسم الاُمّة الإسلامية والسيطرة عليها ، وعلى مصيرها ، وبذلك يخسر الذين كانوا يتآمرون على ضرب الإسلام بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا العدوّ الأوّل فقد كان الامبراطورية الرومانية التي كانت تشكّل إحدى أضلاع الخطر المثلّث الذي كان يحيط بالكيان الإسلامي ويهدّده من الخارج.
وكانت هذه القوّة الرهيبة تتمركز في شمال الجزيرة العربية ، وكانت تشغل بال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الدوام ، حتّى انّ التفكير في أمر الروم لم يغادر ذهنه وفكره حتّى لحظة الوفاة ، والالتحاق بالرفيق الأعلى.
وكانت أوّل مواجهة عسكرية بين المسلمين والجيش المسيحي الرومي في السنة الثامنة من الهجرة في أرض فلسطين ، وقد أدّت هذه المواجهة إلى مقتل القادة العسكريين البارزين الثلاثة وهم « جعفر الطيار » و « زيد بن حارثة » و « عبداللّه بن رواحة ».
ولقد أدّى انسحاب الجيش الإسلامي بعد مقتل القادة المذكورين إلى تزايد جرأة الجيش القيصري المسيحي ، فكان يخشى بصورة متزايدة أن تتعرّض عاصمة الإسلام للهجوم الكاسح من قبل هذا الجيش.
من هنا خرج رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في السنة التاسعة للهجرة ( غزوة تبوك ) على رأس جيش كبير جدّاً إلى حدود الشام ليقود بنفسه المواجهة العسكرية ، وقد استطاع الجيش في هذه الرحلة الصعبة المضنية أن يستعيد للاُمّة الإسلامية هيبتها من جديد.
غير أنّ هذا الانتصار المحدود لم يُقنع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأعدّ قبيل ارتحاله جيشاً كبيراً من المسلمين. وأمّر عليهم « اُسامة بن زيد » وكلّفهم بالتوجّه إلى حدود الشام والحضور في تلك الجبهة.