المجوس اعتزلوا ، وقالوا : ما نحن كهؤلاء ولا لنا ملجأ ، وأثرنا عندهم غير جميل ، والرأي لنا أن ندخل معهم في دينهم ، فاعتزلوا فقال سعد : ما لهؤلاء ، فأتاهم المغيرة ابن شعبة فسألهم عن أمرهم ، فأخبروه بخبرهم ، وقالوا : ندخل في دينكم ، فرجع إلى سعد فأخبره فأمنهم ، فأسلموا وشهدوا فتح المدائن مع سعد ، وشهدوا فتح جلولاء ، ثم تحولوا ، فنزلوا الكوفة مع المسلمين (١).
لم يكن اسلامهم يوم ذاك ، إلاّ كاسلام سائر الشعوب ، فهل يمكن أن يقال : انّ اسلامهم يوم ذاك كان اسلاماً شيعياً.
وثالثاً : إنّ الإسلام كان يمشي بين الفرس بالمعنى الذي كان يمشي في سائر الشعوب ولم يكن بلد من بلاد إيران معروفاً بالتشيّع إلى أن انتقل قسم من الأشعريين الشيعة إلى قم وكاشان ، فبذروا بذرة التشيّع وكان ذلك في أواخر القرن الأول مع أنّ الفرس دخلوا في الإسلام في عهد الخليفة الثاني أي من سنة ١٧ وهذا يعني أنّه قد انقضى عشرات الأعوام ولم يكن عندهم أثر من التشيّع. هذا هو ياقوت الحموي يحدّثنا في معجم البلدان ويقول :
« قم ، مدينة تذكر مع قاشان ، وهي مدينة مستحدثة اسلامية لا أثر للأعاجم فيها ، وأوّل من مصرها طلحة بن الأحوص الأشعري ، وكان بدو تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة ٨٣ ، وذلك نّ عبدالرحمان بن محمد بن الأشعث بن قيس ، كان أمير سجستان من جهه الحجاج ، ثم خرج عليه وكان في عسكره سبعة عشر نفساً من علماة التابعين من العراقيين ، فلمّا انهزم ابن الاشعث ورجع إلى كابل منهزماً كان في جملته إخوة يقال لهم عبداللّه ، والأحوص ، وعبدالرحمان ، وإسحاق ، ونُعَيم ، وهم بنو سعد بن مالك بن عامر الأشعري ، وقعوا إلى ناحية قم ، وكان هناك سبع قرى
__________________
١ ـ البلاذري : فتوح البلدان ٢٧٩.