ولا يعرفون معنى الانتخاب ، ولمّا انتقل النبيّ إلى دار البقاء ولم يترك ولدا ، قالوا علي أولى بالخلافة من بعده.
وحاصله : انّ الإنسجام الفكري بين الفرس والشيعة أعني كون الخلافة أمراً وراثيا ، دليل على أنّ التشيّع وليد الفرس.
يلاحظ عليه :
أولاً : انّ التشيّع حسب ما عرفت ظهر في عصر النبي الأكرم وهو الذي سمّى أتباع علي بالشيعة ، وكانوا متواجدين في عصر النبي وبعده ، إلى زمن لم يدخل أحد من الفرس سوى سلمان ، في الإسلام.
إنّ روّاد التشيّع في عصر الرسول والوصي كانوا كلّهم عرباً ولم يكن بينهم أي فارسي سوى سلمان المحمدي ، وكلّهم يتبنّون فكرة التشيّع.
وكان لأبي الحسن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهمالسلام أيام خلافته ثلاثة حروب ، حرب الجمل ، وصفين ، والنهروان. وكان جيشه كلّه عرباً أقحاحاً بين عدنانية وقحطانية ، فقد انضمّ إلى جيشه زرافات من قريش والاُوس والخزرج ، ومن قبائل مذحج ، وهمدان ، وطي ، وكندة ، وتميم ، ومضر ، وكان زعماء جيشه من رؤوس هذه القبائل كعمار بن ياسر ، وهاشم المرقال ، مالك الأشتر ، صعصعة بن صوحان وأخوه زيد ، قيس بن سعد بن عبادة ، عبداللّه بن عباس ، محمّد بن أبي بكر ، حجر بن عدي ، عدي بن حاتم ، وأضرابهم ، وبهذا الجند وباُولئك الزعماء فتح أميرالمؤمنين البصرة وحارب القاسطين معاوية وجنوده يوم صفين ، وبهم قضى على المارقين.
فأين الفرس في ذلك الجيش واُولئك القواد كي نحتمل أنّهم كانوا الحجر الأساس للتشيّع. ثمّ لم يعتنق الفرس التشيّع دون غيرهم ، بل اعتنقه الأتراك والهنود وغيرهم من غير العرب.