وأحقّهم بالإمامة وولده من بعده ، فهو شيعيّ ، وإن خالفهم في ماعدا ذلك ممّا اختلف فيه المسلمون. فإن خالفهم فيما ذكرنا فليس شيعيّا (١).
هذا غيض من فيض وقليل من كثير ممّا جاء في كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات ، تعرب عن أنّ لفيفاً من الاُمّة في حياة الرسول وبعده إلى عصر الخلفاء وبعدهم ، كانوا مشهورين بالتشيّع لعلي وأنّ لفظة الشيعة ممّا نطق بها الرسول وتبعته الاُمّة عليه.
« إنّ الامام وإن تسامح وتساهل في أخذ حقّه تبعاً لمصالح عظيمة مكنونة في مثل هذا التصرّف الحكيم ، لكن أخذت فكرة استخلاف النبي علياً طريقها في النفوس والقلوب ، وتضاعف عدد المتشيعين له على مرور الأيام ، ورجع الكثير من المسلمين إلى الماضي القريب ، واحتشدت في أذهانهم صور عن مواقف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم، تلك المواقف التي كان يصرح فيها باستخلاف علي من بعده تارة ، ويلمّح فيها اُخرى ، فالتفّوا حول علي عليهالسلام وأصبحوا من الدعاة الأوفياء له في جميع المراحل التي مرّ بها ، وما زال التشيّع ينمو وينتشر بين المسلمين في الأقطار المختلفة ، يدخلها مع الإسلام جنباً إلى جنب ، واستحكم أمره في السنين التي استولى فيها عليّ الحكم ، فشاعت بين المسلمين أحاديث استخلافه ، ووجد الناس من سيرته وزهده وحكمته ما أكدّ لهم صحّة تلك المرويات ، وأنّه هو المختار لقيادة الاُمّة وحماية القرآن ونشر تعاليمه ومبادئه » (٢).
والعنصر المقوّم لإطلاق عبارة الشيعة هو مشايعة علي بعد النبي الأكرم في الزعامة والوصاية أوّلاً ، وفي الفعل والترك ثانياً ، ومع هذا لا يصحّ لأي كاتب
__________________
١ ـ الفصل في الملل والنحل ٢ / ١١٣ طبع بغداد.
٢ ـ الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ٢٨ ـ ٢٩.