وبعد ذلك الرضا بذهاب النفس في رضا المحبوب ، كما اختار سيّد الشهداء لنفسه القتل في رضا ربّ السماء.
ثمّ ما صدرَ من سيّد الأوصياء ما هو أعجب وأغرب وأبهر ؛ لأنّ بذل النفس بائتاً على الفراش من غير ضرب ولا تعب المبارزة ودهشة الحرب أعظم في الحُبّ ، وأكبر شأناً عند صاحب اللبّ ، فبذلّ النفس أدلّ على الحبّ والاتصال بربّ العباد من الصوم ، والصلاة والحجّ والخمس والزكاة.
ثمّ إنّ ما في القرآن المُبين من الآيات ، وما في كُتب أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وإله والأئمّة عليهمالسلام من الروايات ، أبينُ شاهدٍ على فضله وعِظَم شأنه ، ورجحانيّته ، مُضافاً إلى إجماع فِرَق المُسلمين ، بل قيام الضرورة عليه من المَذهب ، بل من الدِّين.
وأمّا الآيات
فهي كثيرة :
منها : قوله تبارك وتعالى (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ ، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (١).
ومنها : قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٢).
ومنها : قوله تعالى :
__________________
(١) النساء : ٧٤ ـ ٧٦.
(٢) الأنفال : ٦٠.