الثاني عشر : الأرض الّتي استولى عليها الكفّار ، ثمّ انتزعها المسلمون بأيّ نحو كان ، والحكم فيها البقاء على الحال الأُولى.
وبيان حال الأراضي الّتي تسلّط عليها المسلمون يتوقّف على بيان ما علم منها ، وتقرير القاعدة في مجهولها ، فيكون البحث في مقامات :
الأوّل : أنّ ما كان في أيدي المسلمين من الأراضي العربيّة ، والعجميّة ، والهنديّة ، وغيرها ، وجرى عليها خراج أُمرائهم ، واستقرّت عليها أيديهم ، محكوم عليها بحكم المفتوحة عنوة.
والحكم فيها : أنّها يصرف نماؤها فيما به صلاح المسلمين ، سواء فتحت بسيوف أهل الحقّ من المسلمين ، أو أهل الباطل ، في زمان الحضور أو الغيبة.
فإن كانت يد خليفة من خلفاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مبسوطة ، كان أمرها إليه ، وإلى نائبه الخاصّ ، يقبلها ، ويؤجرها ، ويبيحها لمن يشاء ، ويصرف فائدتها في مصالح المسلمين ، على نحو ما ذكر.
وإن لم تكن يد الخليفة مبسوطة ، قام النائب العامّ من العلماء الأعلام مقامه ، فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرّف إلا بإذنه ، مع قيامه بذلك ، وتيسّر الرجوع إليه.
وإلا رجع الأمر إلى ولاة المسلمين ، الجامعين للجنود والعساكر ، القائمين بالدفع عن بيضة الإسلام ، وعن المسلمين ، يؤجرونها أو يقبلونها ممّن شاؤوا ، ويصرفون حاصلها على العساكر والجنود الحافظة لبيضة الإسلام ، وطرق المسلمين ، والتعدّي عليهم من الظالمين. ولا يجوز التصرّف في ذلك إلا عن إذنه.
ويجري مثل ذلك فيما يلحق بالمفتوحة عنوة ، وفي الجزية ، ومال الصلح.
ولو توقّف حفظ بيضة الإسلام ، وحفظ المسلمين على أخذ فوائد الأراضي المختصّة بوليّ الأمر ، كان ذلك من أفضل المصارف. ولو عصت طائفة من طوائف المسلمين على رئيسهم ، لم يجز لهم التصرّف من غير إذن المجتهد.