رجعتْ حسرى وما وقفتْ |
|
لا على عينٍ ولا أثرِ |
فلحى الله الأُولى زعموا |
|
أنّك المعلوم بالنّظرِ |
كذبوا إنّ الذي طلبوا |
|
خارج عن قوّة البشر (١) |
وبالجملة ، فإثبات هذا العنوان غنيٌّ عن البيان ، كما يحكم به شهود عدل من الوجدان ، وناهيك بقول سيّد أهل التوحيد وسند أهل التنزيه والتفريد خطبته الجامعة لجوامع التوحيد : « كَلَّ دون صفاته تحبيرُ (٢) اللّغات ، وضلّ هناك تصاريف الصفات ، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير ، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير ، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب ، [ و (٣) ] تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول » (٤) .. إلى آخر كلامه ، عليه أفضل صلاة الله وسلامه.
وأمّا مِن ( لاهَ لَوْهاً لوهاناً وتلوّه تلوُّهاً ) ، بمعنى : اضطرب وبرق ، والأوّل راجعٌ إلى معنى تحيّر ، وقد مرّ الاستشهاد عليه. والثاني إمّا من باب ( فرح ونصر ) بمعنى تحيّر لا يطرف أو دهش ولم يبصر فيرجع أيضاً إلى الأوّل ، والكلام الكلام. وإمّا من باب ( كتب ) بمعنى ظهر وبدا فراجع إلى التميّز والظهور ، وهو تعالى الظاهر بذاته لمخلوقاته على حسب إدراكاتهم ومعارفهم ، تجلّى لها بها ، وبها امتنع عنها ، وإليها حاكمها.
وأما من ( لاه لوهاً ) بمعنى : خلق ؛ لأنّه تعالى خالق لجميع المخلوقين ، ( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) (٥).
وأما من ( لاه يليه ليهاً ) إذا احتجب وعلا وارتفع ، ولهذا سمّيت الشمس آلهةً ، لعلوّها وارتفاعها ، قال الشاعر :
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ( ابن أبي الحديد ) ١٣ : ٥١.
(٢) في المصدر : ( تعبير ) ، وفي هامش المصدر : ( نسخة : تحبير ).
(٣) من المصدر.
(٤) التوحيد : ٤٢ / ٣.
(٥) المؤمنون : ١٤.