لاه ربّي عن الخلائق طُرّاً |
|
[ خالق الخلق لا يُرى ويرانا ] (١) (٢) |
لأنّه تعالى احتجب بشعاع نوره عن إدراك الأبصار والبصائر ، وعلا وارتفع عن كلّ شيء توهّمته الخواطر ، كلّما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه فهو مخلوق مثلكم ، مردودٌ إليكم ، ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (٣) ، ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٤).
وأمّا من ( تألّه ) ، بمعنى : تضرّع ، كقول الشاعر :
لله درُّ الغانيات المُدَّةِ |
|
سَبّحنَ واسترجعن من [تألُّهي] (٥) (٦) |
أي : تضرّعٍ ؛ لأنّ كلَّ المخلوقات مفتقرةٌ إليه ومعوّلةٌ في كشف ضرّها وجلب نفعها عليه.
وأمّا من ( لاه يليه ) ، بمعنى : خفي واستتر.
قال الشاعر :
لاهَتْ فما عرفت يوماً ببارزة |
|
يا ليتها برزت حتّى عرفناها (٧) |
لأنّه تعالى خَفِي لفرط ظهوره ، واستتر لِعِظَم نوره.
خفيّ لإفراط الظّهور تعرّضت |
|
لإدراكه أبصار قومٍ أخافش (٨) |
وأمّا من ( وَلهَ ) إذا تحيّر وتخبّط عقله ، وقد مرّ الكلام عليه ؛ ولهذا خرّ موسى صعقاً حين تجلّى إليه.
__________________
(١) في المخطوط : ( فهو الله لا يُرى ويرى هو ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) التبيان ١ : ٢٨ ، حاشية المصباح ( للكفعمي ) : ٤٢١.
(٣) الأنعام : ١٠٣.
(٤) الشورى : ١١.
(٥) في المخطوط : ( تألّه ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٦) الصحاح ٦ : ٢٢٢٤ ، التبيان ١ : ٢٨ ، مجمع البيان ١ : ٢٠ ، لسان العرب ١٣ : ٥٦ مدة.
(٧) حاشية المصباح ( الكفعمي ) : ٤٢١ ، حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي ١ : ٥٧ ، باختلاف فيهما.
(٨) جامع الأسرار ومنبع الأنوار : ٢٥٨.