وبر ولا شعر إلّا أدخله الله به عزّاً أو ذلاً حتىٰ يبلغ حيث بلغ الليل » (١).
وكانت « سلام الله عليها » تؤثره بما عندها من طعام كالاُمّ المشفقة علىٰ ولدها ، فعن أنس ، قال : جاءت فاطمة عليهاالسلام بكسرة خبز لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : « ما هذه الكسرة ؟ » قالت : « قرص خبزته ولم تطب نفسي حتىٰ أتيتك بهذه الكسرة .. » (٢).
وعن عبدالله بن الحسن قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ فاطمة عليهاالسلام فقدّمت إليه كسرة يابسة من خبز شعير ، فأفطر عليها ، ثم قال : « يابنية ، هذا أول خبزٍ أكل أبوك منذ ثلاثة أيام » ، فجعلت فاطمة عليهاالسلام تبكي ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمسح وجهها بيده (٣).
ولمّا اختار الله سبحانه لنبيه دار رضوانه ومأوىٰ أصفيائه ، كانت الزهراء عليهاالسلام كالاُمّ التي فقدت وحيدها ، فما رؤيت عليهاالسلام ضاحكة قطّ منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتىٰ قبضت (٤) ، ومازالت بعده معصبة الرأس ، ناحلة الجسم ، منهدّة الركن ، باكية العين ، محترقة القلب ، يغشى عليها ساعة بعد ساعة (٥) ، تشمّ قميصه فيغشىٰ عليها (٦) ، وسمعت بلالاً يؤذّن حتىٰ إذا بلغ :
_______________________
١) المعجم الكبير ٢٢ : ٢٢٥ / ٥٩٥ و ٥٩٦. ومستدرك الحاكم ١ : ٤٨٨ و ٣ : ١٥٥. وحلية الأولياء / أبو نعيم ٣ : ٣٠ و ٦ : ١٢٣ دار الكتب العلمية. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٦٣. وذخائر العقبىٰ : ٣٧.
٢) مجمع الزوائد ١٠ : ٣١٢.
٣) مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٣٣٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ٤٠.
٤) المعجم الكبير / الطبراني ٢٢ : ٣٩٨ / ٩٨٩ و ٩٩٠ و ٩٩٣ و ٩٩٤. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٥٩. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٦.
٥) مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨١.
٦) مقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٧٧. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٥٧ / ٦.