وإعانة الضعفاء والمعوزين من أبناء المجتمع الإسلامي علىٰ الرغم من شظف العيش وشدّة الزمان.
ولقد عرضنا في أواخر الفصل المتقدم بعض النماذج الناطقة بتحلّيها بهذا الخلق النبوي الكريم ، من ذلك تصدّقها بقوتها ثلاثة أيام علىٰ المسكين واليتيم والأسير في جملة زوجها علي وولديها الحسن والحسين عليهمالسلام ، فأنزل الله تعالىٰ فيهم قرآناً يتلى وهو سورة الدهر ، وتصدّقت بسواريها وقرطيها وقلادتها في سبيل الله (١).
ونضيف هنا ما روي عن ابن عباس في قوله تعالىٰ : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) قال : نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام (٣).
وعن أبي هريرة : أنّ رجلاً جاء إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فشكا إليه الجوع ، فبعث إلىٰ بيوت أزواجه ، فقلن : ما عندنا إلّا الماء ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من لهذه الليلة ؟ » فقال علي عليهالسلام : « أنا يا رسول الله » فأتىٰ فاطمة عليهاالسلام فأعلمها ، فقالت : « ما عندنا إلّا قوت الصبية ، ولكنّا نؤثر به ضيفنا ». فقال علي عليهالسلام : « نوّمي الصبية ، وأنا أُطفىء للضيف السراج » ففعلت وعشّىٰ الضيف ، فلما أصبح أنزل الله عليهم هذه الآية : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٤).
ومن نماذج الإيثار والسخاء الاُخرىٰ ما ذكره الصفوري عن ابن الجوزي أنّها عليهاالسلام أهدت قميصها في ليلة زفافها إلىٰ سائل بالباب (٥).
_______________________
١) أمالي الصدوق : ٣٠٥ / ٣٤٨.
٢) سورة الحشر : ٥٩ / ٩.
٣) شواهد التنزيل / الحسكاني ٢ : ٢٤٧ / ٩٧١.
٤) شواهد التنزيل / الحسكاني ٢ : ٢٤٦ / ٩٧٠. وأمالي الطوسي : ١٨٥ / ٣٠٩.
٥) إحقاق الحق ١٠ : ٤٠١ عن نزهة المجالس / الصفوري ٢ : ٢٢٦ ـ طبع القاهرة.